علي أبو الريش
إيران لا تعتذر ولا تجد سبباً للاعتذار، عن حرق السفارة السعودية في طهران.. وكيف تعتذر؟، فهذا البلد الذي تسبب في قتل الآلاف من أبناء الشعب العربي في العراق وسوريا ولبنان، وكذلك مساهمته في إذكاء النيران في اليمن، لا يجد ما يبرر الاعتذار، لأن الساسة في إيران مستعدون أن يحرقوا العالم، وأن يهيلوا التراب على جرائمهم وفضائحهم، ومن ثم يبتسمون الابتسامة الصفراء كأن شيئاً لم يحدث.
فهذه هي سمة من أصيب بفصام الشخصية، وأمراض اللا وعي، وأدران الشعور بجنون العظمة..
ا يا سيد حسن روحاني، لا تعتذر، ولا نريد منك الاعتذار، لأن القناعة ثابتة وراسخة لدى شعوب المنطقة، بأن إيران تأبطت شراً، تجاه دول الجوار ولن تحيد عن هذا المسلك العدواني، طالما بقيت الأجندة مطوقة، بأيديولوجيا العدوان وإشعال النيران في كل مكان.. إيران اتخذت قرارها، والحوار لا نقع فيه وحلم التقارب لا جدوى منه، ولكن ليعلم روحاني وكل من يرتبط بالنظام الإيراني، أن الاتكاء على الأوهام، لابد أن يخر السقف من فوقه، وتتشقق الأرض من تحته، لأنه طالما ابتعد عن المنطق وطالما تجاوز مسار التاريخ وطالما فكر في أن يسلب ما ليس له بحق، فإن عصا الحقيقة غليظة، وأن ذراع الحق طويلة، ولابد أن تنتهي هذه الغوغائية إلى زوال.. دول وامبراطوريات، حادت عن الحقيقة فباءت كل محاولاتها للتوسع بالفشل الذريع، وضاعت أحلامها في غياهب التلاشي والاندحار.
نحن دائماً نقول إن إيران دولة جارة، والشعب الإيراني تربطه مع شعوب المنطقة علاقات تاريخية عريقة، ولكن النظام الإيراني يريد من يقفز على المراحل، يريد أن يحرق المراحل، يريد أن يقف على قمة جبل الوهم ليرى الناس صغاراً، ولا يرى إلا نفسه، ونسي أن الصورة معكوسة، فكما أنه يستصغر الآخرين، فإنهم أيضاً يرونه صغيراً، ولا يرون فيه سوى نزعات الشر والعدوانية.. إيران بإمكانياتها البشرية والطبيعية، تستطيع أن تكون دولة طبيعية وتستطيع أن ترى الضوء من خارج عتمة الغرفة المعتمة، وذلك إن أرادت وإن تخلصت من العصاب القهري، وأحلام اليقظة، تستطيع أن تجمع الأصدقاء، ولا تكسب الأعداء، إذا ما نظفت سريرتها من زبد الأمواج الطائشة، ومن عوادم الحزن التاريخي، ومن الإحساس بالمظلومية الوهمية، ومن الهذاءات والهلوسات، والخيال الجامح، الذي لن يضر في النهاية إلا الشعب الإيراني المغلوب على أمره.. فالاعتذار هو أقل ما يمكن أن تقدمه إيران كتمهيد، وليتبع ذلك سلوك عملي، يعبر عنه تخلصها من فكرة دعم الإرهاب ومحاولات زعزعة الاستقرار بالمنطقة، فإيران بحاجة إلى علاقات سوية مع دول الجوار، أكثر من غيرها، والدليل معاناة الشعب الإيراني جراء عزلة بلادهم مع الآخر.