القانطات

القانطات

القانطات

 صوت الإمارات -

القانطات

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

امرأة من تاريخ زمن نشفت فيه مياه النهر، وأصبحت أرضها خاوية مثل قربة قديمة. امرأة تزخر بنخوة الأشجار الجافة، وصبوة الخيول الوحشية، امرأة في عينيها يبرز بريق أشبه بضوء كسوف القمر، امرأة في نظرتها، تشعر أنها مثل صحراء تتشظى بنار البعث المفقود، امرأة لها مخلب العنكبوت، وناب أفعى أفريقية، امرأة تفكر في ثوبها الحرير، حتى ولو ألبست الآخرين جلود حيوانات نافقة.
امرأة من نوع آخر لم يخطر على بال الوجود، هي هكذا وجدت على الأرض مثل أحفورة بلا هوية، ولا معالم يحتار المتأمل في ملامحها، في تحديد من هي؟ وماذا تريد من الحياة. امرأة مثل لغة قديمة لم يكتشف علماء اللغات، شفرة كينونتها.
امرأة تحب كل شيء، ولا تحب شيئاً هي في منتصف المشاعر، محبطة، قانطة، ساخطة، ممتعضة، متبرمة، متأزمة، محتقنة متورمة تنظر إلى الطرف الآخر، ولا تنظر، هي دائماً في اللاشيء، هي في المنطقة الخاوية من المشاعر، هي عند نقطة الصفر في طقس العلاقات الإنسانية، هي محرومة من فطرة الحب، هي مكظومة، مهضومة، مأزومة، مكلومة، وهي مثل فنجان مثلوم، هي مثل طبق فخار مليء بالتراب، هي مثل موجة تائهة عند سواحل مقفرة.
امرأة تحبس أنفاسها على فكرة، وتشعر أنها في هذا السجن، تنتصر على العالم، وتحقق نظرية مدهشة كونها استطاعت أن تخرج من الحياة بفكرة لم يكسر جوزتها أحد. امرأة، حارة جافة متعجرفة مثل ورقة لوز ضربتها الشمس، عند حافة طريق مزدحم بقطيع من الغنم.
امرأة مشاعرها مثل قدد اللحم النيء، لها رائحة الأموات، ولون البقعة السوداء في قاع البحر. امرأة بينها والابتسامة ثأر قديم، تتعقبها في كل موقف، وتضع أظافرها في عنقها وتخنقها، امرأة ليست بينها، والابتسامة أية علاقة عاطفية، بل هي ترى في الابتسامة، انكسار القدم، والوقوع على أرض صلبة، تتهشم عليها العظام.
امرأة، عندما تنظر إلى الآخر، تتهيب، وتشعر أن لصاً يترصدها، ويريد أن ينهبها، تشعر أن في عيني الآخر، تكمن مخالب الشر، وعليها أن تحذر، وأن تكون في أتم اليقظة. امرأة في حضور الآخر تبدو لبؤة مفترسة، وفي أمام المرآة، تذرف دموعاً مثل السيل، تتذكر شيئاً ما وتستدعي جملة سمعتها من شخص ما، ولم تزل ترن في أذنيها، وتجعلها، مثل أرنبة مذعورة.
امرأة تختزل العلاقة بالطرف الآخر، بنبرة صارمة، خالية من الأنوثة، ما يجعلها في الحضور والغياب، هي متلاشية إلى الأبد.
امرأة، لا تعشق إلا صورتها في المرآة، ولا تكسرها إلا دمعة تتسرب بين جفنيها، مثل دماء مهربة من صلب تاريخ توارث القتل، وسفك دماء الحقيقة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القانطات القانطات



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates