التعصب

التعصب

التعصب

 صوت الإمارات -

التعصب

بقلم - علي ابو الريش

تروي القصة القديمة أن رجلاً عجوزاً كان يسكن الجبل، وكان يمنح بعض الحمقى والمعتوهين الملذات، ويعدهم باستمرار هذه الملذات التي تذوقوا طعمها، شرط أن يذهبوا لقتل أشخاص معينين يرشدهم إليهم. وللتعصب أشكاله وألوانه سواء كان على المستوى الفردي أو الجماعي، وسواء كان تعصباً دينياً أو سياسياً أو اجتماعياً أو عرقياً، فهو يصب في نفس خانة التقوقع في محارة التعصب والغضب.
بول بوت في كمبوديا قتل ثلاثة ملايين من أبناء شعبه، فقط لأنهم ارتدوا البذلات الغربية ووضعوا على رؤوسهم القبعات، فاعتبر ذلك ضمن التطلعات البورجوازية التي تستنكرها العقيدة الماركسية. كما أن في العام 1572م قام البورجوازيون في فرنسا بقتل ثلاثة آلاف شخص من مواطنيهم بسبب خلافات عقائدية. لقد ارتكبوا مجزرة سان بيرتوليمي البشعة، فذبحوا الناس وقطعوهم إرباً إرباً، ورموهم من النوافذ.
والإنسان المتعصب لديه الاستعداد أن يفعل ما هو أكثر من ذلك، لأنه نكص إلى مرحلة تسبق تاريخ الوعي، هذا الإنسان خضع على مستوى تاريخ حياته لضخ أنوي فضيع إلى درجة أنه لم يستطع أن يرى سوى نفسه، فإذا أعترض طريقه من يخالفه الرأي، فإنه يشعر بجرح عميق، هذا الجرح لا يدمله إلا جرح أشد منه عمقاً في ذات الآخر. أي أن الشخص المتعصب يشعر بالإهانة والامتهان، في أن يرى فكراً آخر يناوئه ويناهضه، أنه لا يرى إلا فكرته وبالتالي لا يستطيع أن يعيش بين فكرتين، ولا يستطيع أن صورة الآخر في مرآته، فإنه تؤذيه وتؤلم قلبه.
المتعصب وهو يحمل هذا الإحساس العدمي، يشعر أنه مظلوم، ولكي يرفع الظلم عن نفسه فلابد أن يقتل، ويفتك، ويفني الآخر، ليعيش هو، فلا يجد فرصة أبداً، أن يعيش اثنان في مكان واحد، فالمكان هو قلبه، وقلبه ضاقت به السبل، بعد أن احتشدت حوله، صور الريبة، والشك، بالآخر، وبعد أن اقتحمه اليقين الأعمى، وقال له أنت الحقيقة، وسواك زبد البحر. فمن ذا الذي يستطيع إقناع إنسان أعمى بأن الطريق الذي يسلكه، ملئ بالحفر والصخور. من يستطيع أن يقنع المتعصب، بأن هناك حقيقة واحدة لا أكثر، وهي أن الحقيقة ليست سلعة، بل هي روح، وفي داخل كل منا روح، كما في داخله قلب، وعقل، فلماذا الاعتقاد بأن ما لديك هو الأجود، وما لدى الآخر هو الأسوأ. الحياة ليست مؤسسة تجارية بل هي رحلة، علينا أن نقطعها بشكل آمن دون وضع الصخور في الطريق ثم اتهام الآخر بأنه هو المذنب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعصب التعصب



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates