علموا أبناءكم الصداقة

علموا أبناءكم الصداقة

علموا أبناءكم الصداقة

 صوت الإمارات -

علموا أبناءكم الصداقة

بقلم - علي ابو الريش

يقول الفيلسوف الفرنسي فولتير: (أيتها الصداقة لولاك لكان المرء وحيداً، وبفضلك يستطيع المرء أن يضاعف نفسه، وأن يحيا في نفوس الآخرين).
عندما تكسب صديقاً فإنك تكسب نفسك. فأنت في الصداقة تسكن في قلوب الآخرين، وهذا هو الخلود في حد ذاته. الآخرون يجعلونك توسع من ابتسامتك، كلما صدقت، وكلما صدقوا. في العزلة أنت تقضم أظافر الابتسامة، وتحول الألوان الزاهية إلى لون واحد قاتم. لو نظرت إلى طفل من أطفال اليوم، وتأمل الأخاديد التي تحفر ودياناً في جبينه، ستعرف ماذا تفعل الغرف المغلقة في القلوب الغضة، وكيف تحولها إلى أخشاب جافة، عبثت بها أشعة الوحدة اللاهبة.
الصداقة تفتح أمامك شارعاً واسعاً تؤمه الأرواح، وأنت في هذا الوسط تشعر أن الحياة حقل تتنوع فيه الورود، وبذلك تسعى لأن تكون الوردة الأكثر شذا، والأعبق عطراً. في العزلة لا تجد مثل هذه الألوان، ودائماً ما يكون اللون الواحد مملاً وجالباً للسأم، والقنوط.
نحن نفرح عندما نعزل الأطفال في غرف مستقلة، ونظن أننا منحنا هؤلاء الصغار شيئاً من حقوقهم الشخصية، وأننا فتحنا لهم أبواب الحرية المنشودة، وأنهم في هذه الحرية يكونون شخصيات قوية البنى راسخة المشاعر، شامخة الرؤوس، ولا نعلم أننا بهذا التصرف نكون قد فرضنا عليهم سجناً إجبارياً، وسورنا عقولهم بأسلاك شائكة تمنع تواصلهم مع المحيط الاجتماعي. عندما يجلس الطفل داخل الغرفة المغلقة، ولا يكون معه غير جهاز الكمبيوتر، فإنه لا يملك خيار العدول عما يطرح له من، أفكار، لأنه لا يجد من يستشيره، ولا يجد من يبادله الحوار، فالطفل في هذه المرحلة يعيش ضمن دائرة واسعة من الأسئلة، ولكن عندما تصطدم أسئلته بالجدران الصماء، لا يجد مفراً من الخضوع لما يلقى عليه من إجابات ويالها من إجابات أنها تحطم الصخر وتحوله إلى حجيرات تقذفها في وجه السائل، وما إن يشعر الطفل بألم الضربة الأولى حتى يبدأ في التنكر لما حوله، وتبدأ التجاعيد تحتل مكاناً واسعاً من جبينه، بحيث تتحول بعد حين إلى قنوات قاتمة، تسير في أرجائها طيور بمناقير حادة، ومخالب بمسامير مدمية. وإذا كان هذا هو حال الطفل المنعزل، فماذا ننتظر عندما ينشأ شاباً يافعاً يتمتع بعضلات مفتولة وقوة بدنية مذهلة. سوف يخرج إلى الشارع بنفس مفعمة بحقن العزلة وعقل تشرب من علقم القذائف الكمبيوترية، وليس بوسعه، تحمل الرأي الآخر لأنه لم يتعلمه، ولم يفهمه، ولم يتذوق طعمه. فأخرجوهم من بين الأقفاص، وأطلقوا أجنحتهم باتجاه صداقات، ولكنها محسوبة، ومحسومة من غير علل، ولا زلل ولا خلل ولا كلل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

علموا أبناءكم الصداقة علموا أبناءكم الصداقة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates