الزمن

الزمن

الزمن

 صوت الإمارات -

الزمن

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

ّيخيل إليَّ أن الزمن كائن خيالي اجتاح ذاكرتنا في محطة ما من محطات التاريخ الذي صنعناه بإرادتنا، وصغنا كل جواهره، وشرخنا كل مخابره.
دخل الزمن غرفة عقولنا في لحظة مباغته، وأصبح كائناً سرياً يتغذى على معارفنا، وخبراتنا، وعواقبنا، ومثالبنا وكذلك محسناتنا البديعية، ومساحيق التجميل، وأساور الأفراح، وألثمة الأتراح.
نحن الذين وضعنا الزمن في وعاء العقل، ونحن الذين وضعنا الأيام كشواهد لقبور الزمن، كما وضعناها تماثيل لبطولات ملحمية نفتخر بها، ونعتز بإنجازاتها.
نحن والزمن مثل العلاقة بين الحلم والعقل. عندما يزهو الحلم، يبدو العقل مزرعة للزهور، وعندما يقتم الحلم، يتحول العقل إلى حفرة عميقة تعيث بها حشرات نافقة.
نحن والزمن مثل العلاقة بين الطير والجناحين، عندما ننمو نحن يحلق الزمن في فضاء أعيننا، ويبدو الفضاء شجرة وارفة الظل، بين أغصانها ترفرف أعشاشنا.
نحن والزمن مثل الريح وخفقة الأوراق، عندما تشتد الريح، تطير الأوراق إلى الأعلى، وعندما تخفت الريح، تتدلى الأوراق خاوية بلا معنى.
نحن والزمن مثل العلاقة بين الفرح والابتسامة، عندما تتفتح أسارير الزمن، تبدو ابتسامتنا مثل جدول الماء الرقراق، وعندما يتقهقر الزمن، تصبح الابتسامة، بحيرة مغلقة، تتغذى فيها الطفيليات، والطحالب، وتتفشى رائحة الأسماك النافقة.
نحن والزمن مثل العلاقة بين الحقيقة والوهم، عندما تنشر الحقيقة بيانها، يسفر الوجود عن يقين لا يشوبه الكذب، والنفاق، وعندما يتورم الوهم في وعاء العقل، يخبو الوجود، ويتحول إلى أرنب جبان لا يطل على العالم إلا تحت جنح الليل، وتحت سطوة الظلام الدامس.
نحن والزمن مثل العلاقة بين الصدق والكذب، عندما يفرد الكذب عضلاته متبجحاً جارحاً، تبدو الحياة مثل كوكب يختبئ في زجاجة، وعندما تتفتح أزاهير الصدق، تنتاب العالم رعشة النخوة الأبدية، وتنمو في جسور التواصل، شجرة عملاقة يطلق عليها الحب.
نحن والزمن مثل العلاقة بين الوعي، واللاوعي، عندما ينتعش الوعي، وتنتشر أوراقه في دفاتر العقل، يصبح الإنسان نهراً خالداً لا ينضب، ولا يقضب، ولا ينكب، ولا يسلب. وعندما يشرئب الوعي، ويقلب اللاوعي طاولة الدرس رأساً على عقب، يتحول الإنسان إلى وحش كاسر يطيح بأشجار الغابة، ويتفشى ضرراً، وكدراً.
نحن والزمن مثل العلاقة بين الـ«نعم» والـ«لا»، عندما تحضر اللاءات، يختفي الإنسان خلف ركام من خوف، وجبن، وعندما تتولى الـ«نعم» مسؤولية القرار الوجودي، يصبح الإنسان ملكاً متوجاً بالمبادرة، والمثابرة، وتحديد المصير.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الزمن الزمن



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates