فقاعة

فقاعة

فقاعة

 صوت الإمارات -

فقاعة

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

بعض البشر فقاعة، له دوي الرعد، ولكنه بلا مطر، إنه يسكن في قلب السحابة، ولكنه بلا بلل، إنه يمشي على ظهر الموجة، ولكنه بلون الرماد، إنه يرفع الصوت عالياً، ولكنه بنبرة النقيق، إنه يدهشك في المنظر، ولكنه يسبر خشاش الأرض.
بعض البشر، والعياذ بالله، مكتنز بالأنا، مثل مدفع الإفطار، صوت بلا ذخيرة، بعض البشر له احتمالات كل الوجوه، إلا احتمال واحد، فإنه خاوٍ من المعنى، مفرغ من الدلالة، إنه مثل صفير الريح، هدّام، نمّام، غمّام، مستهام بلوعة التمظهرات، وجمهرة المشاعر المغشوشة، إنه أشبه ببيضة فاسدة، في ظاهرها أبيض، وفي باطنها يختبئ العفن.
بعض البشر، يأتيك وكأنه المخلص من عواهن الزمن، ومعضلات الدهر، ولكنه في الحقيقة ليس إلا غيمة صيفيّة، تغري ولا تمطر، إنه كائن يعيش على منصات البريق الزائف، ويحلب ضرع الحياة، ولا يشبع من مصمصة عظام البقايا، واجترار الرزايا.
بعض البشر، يأتيك مثل حلم خنفساء الروث، يعشق النتانة، ويفيض بعفونة الفكرة البائتة.
بعض البشر سراب مراحل ما بعد المباغتة وما قبل اليقظة، إنه يجوس في تراب الله، وعياً مدبلجاً، ولغة مجندلة بما جاشت به الشفاه من لعثمة، وغمغمة، ولملمة، فيسف، ولا يكف، ويملأ وعاء الحديث، بحكايات ما قبل النوم، ويمضي في اللجلجة، والجلجلة، والبلبلة، والقلقلة، واللقلقة، والنقنقة، كعربة خربة، جرّت بحبل مهترئ، كغيمة سحبت أذيالها في آخر الشتاء.
بعض البشر، يحب كل الأشياء، إلا الحب، إنه أدلج الحياة على أساس وضع النقاط في أول السطر، والتخلي عن قواعد اللغة، وتفسير العبارة كما هي في مضمون أخلاق العبثية، وعدمية النهج.
بعض البشر نرجسي إلى حد القتامة، أناني إلى درجة الجهامة، يقتفي أثر النجومية، كما تتبع الحشرات الضالة الظلال الوهمية، إنه منغمس في الأضغاث حتى النخاع، غائص في الأجداث إلى درجة الموت، إنه عاكف على مضغ البقايا، ونفايات النفس الأمّارة، إنه غير مكتف بما في بطن الطبق، بل هو متلهف إلى ما تلف من عظام، ولحم، وشحم، إنه مندمج مع الذات العارمة، منسجم مع ترهاتها، وافتراءاتها، وهراءاتها، إنه يخرج من منزله، وقد أطفأ أضواء الضمير وأغلق غرف القيم، وسار في الطريق، يبحث عن ضالته في نوايا الآخر، ويلقي بالحجر في طريق الماشين، كي تبعثرهم العثرات، وتعثرهم العقبات، فيصبح هو السارية التي تتخبّط بالشراع، وترمي بالقارب في مجاهيل الحياة.
بعض البشر هكذا هو، مخلوق من نار، معجون برمل الصحاري القاحلة.
بعض البشر، من لمعة العينين، تلمح الشرر، ومن لفتة الوجه، ترى الشرخ الذي أدمى ما في المكنون، وما طفا من المخزون.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فقاعة فقاعة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 08:52 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

1.2 مليون زائر لمعرض الشارقة الدولي للكتاب

GMT 23:26 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السودانية هديل أنور بطلة تحدي القراءة العربي

GMT 10:26 2013 الثلاثاء ,20 آب / أغسطس

دار إبداع تصدر الكتاب الساخر "يا صلاة العيد"

GMT 14:26 2013 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

10 أخطاء يجب تجنبها عند اختيار ديكورات المنزل

GMT 12:22 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق اختبارات مسابقة "جولدن سينجر" للمواهب

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 23:40 2017 الجمعة ,24 شباط / فبراير

إكسسوارات تمنحك الهدوء والراحة في غرفة النوم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates