الضغينة

الضغينة

الضغينة

 صوت الإمارات -

الضغينة

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

يقول نيتشه: «القلق هو وعيك بالحرية». وهذا صحيح عندما تكون أنت في أتم الوعي، وعندما يكون القلق ناجماً عن وعي، بما هو حادث في الواقع. ولكن الكثير من القلق ليس إلا وليد الخوف المرضي، وهو ما يطلق عليه بالفوبيا.
نعيش يومياً هذا القلق بناء على نوازع ومشاعر أسقطت في وجداننا، وأصبحنا أسرى لها. نحن نخاف من الظلام، لأن الكبار قالوا لنا في الظلام تسكن أم الدويس، ونحن نخاف من الوحدة، لأن الآخرين قالوا لنا إن الشيطان يسكن في تجاعيد الوحدة. نحن نكذب كثيراً، وقلّما نصدق مع غيرنا خوفاً من قول الحقيقة، لأنها تغضب، وتجلب الامتعاض والتذمر، وأحياناً قد تعرضنا للعقاب.
نحن نخاف لأن الخوف كائن مخادع، وهو الذي يقول لنا إذا تسلحتم بي فلن يصيبكم مكروه، ويؤكد علينا دائماً بمقولة: (ابعد عن الشر وغني له). نحن نستمر في إحضار الخوف، والسكن في منازله، والعيش في أحضانه، لأنه يجعلنا مطمئنين من ألا يصيبنا العقاب من الآخرين. لقد زرع الخوف في قلوبنا، ونحن في نعومة الأظافر، وقالوا تحروا الدقة في كل خطوة تخطونها، ولا تغادروا المنازل إلا مع من هم أكبر منكم، فأنتم ليست لديكم تجربة، وتنقصكم القدرة على فهم مجريات الأمور. ونحن لأننا صغار صدّقنا، وولّينا وجوهنا صوب قبلة الخوف، وأصبحنا جزءاً من هذا الكائن السحري، أصبحنا نشارة خشب تتبع موجة باتجاه سواحل مكتظة بالنفايات.
نحن نخاف لأننا قيل لنا الخوف رحمة، ومن يخف يتجنب الأخطار. ومن لايخف فقد يرتكب أخطاءً تؤدي إلى دماره ودمار الآخرين، والخوف المتوهم هو حالة مثلى لصورة رسمت على جدار بملامح شائهة، ولكنها قد توحي بخيالات مختلفة، تؤدي إلى عقد صفقة غير مربحة مع الخوف.
الخوف في حد ذاته، يصيغ لوحة الخوف، والخوف نفسه هو الذي يجعلك تخاف، ولكنك لا تعرف من تخاف، إلى حد أنه يجعلك كتلة من الخوف تمشي على الأرض.
الخوف يمنعك من اتخاذ القرار، والخوف يقف حائلاً بينك وبين صناعة المستقبل، الخوف محيط مزدحم بالصور الرادعة لأية خطوة إيجابية، والخوف صحراء لا تمنحك غير الشح، وتجعلك ممتلئاً بالإحجام، ولا سبيل لك في الوجود غير زراعة الأحجار، لمنع مرور الرياح باتجاه حياضك.
الخوف صناعة بشرية بامتياز، صاغ حكايته إنسان أناني، بغيض، بهدف الاستيلاء على إرادة الآخرين. الخوف كذبة بشرية مصنوعة من قماشة رديئة، بهدف عزل الإنسان عن قدراته، ومنع تدفق الماء في شرايين الجدول، وكبح جماح الخيول كي لا تصل إلى مناطق العشب. الخوف فكرة من وحي عقل متغطرس، ونفس شريرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الضغينة الضغينة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates