الغضب

الغضب

الغضب

 صوت الإمارات -

الغضب

بقلم - علي ابو الريش

الغضب مثل الدخان يعميك، ولا يجعلك ترى أبعد من أخمص القدمين. الغضب مثل الغبار يعرقل وصولك إلى الآخر، ولا يجعلك رؤيته كما هو. عندما نغضب تحتفل الأنا بأول لحظة نفقد فيها العقل، ونكون مثل قصاصات ورقية يعبث بها الهواء. نتعرف على شخصية الإنسان في ساعة الغضب، وليس في ساعة الهدوء والطمأنينة. عندما يواجه الإنسان المشكلات التي تعترض طريقه، بحكمة، وشكيمة، وفطنة، ورزانة، ورصانة يكون هو ذلك الشخص الذي فاز في سباق التحدي في ميدان الفروسية. النفس مثل الحصان، إن صنتها صانتك، وأن خنتها خانتك. عندما يكون الإنسان فارساً مقداماً ويستطيع لجم حصانه، (النفس) من الجموح والجنوح، فإنه في هذه الحالة، يملك زمام أموره ويكسب الرهان في هذه القفزة الوجودية، التي تجعله دائماً عند ضفاف نهر يرتشف من عذوبته، ويخصب وعيه من شفافيته. عندما تحضر حواراً بين شخصين، فتش عن الغضب في عيني أحدهما أو كليهما، فإن وجدت مخالبه تبرز من خلال الشرارة التي تلمع في محجري العينين، فاعلم أن هذا الشخص يكمن في جوف محارة الاحتقان الأنوي، فلا تصدق مساحيق التجميل التي تخبئ ذلك اللون الرمادي المهيب. عندما تجد ارتعاشة اليدين قد خضت، ورضت، ومضت، وعرضت الشخص لحالة من الزلزلة الداخلية، فثق أنك أمام شخص يجيد صناعة التخفي وراء الحجب، شخص بارع، مبدع في رسم لوحة تشكيلية سريالية، قابلة للتأويل والتفسير والتحليل، ولكن دلالة الغضب الهستيري تبرز في ثنايا الخاطر المهشم، والبال المحطم، والروح التي استلبت بفعل طغيان الأنا، وتكاثف جيوشها الجرّارة، التي طرقت الإنسان بحزمة من الأوهام، وحرمته من رؤية العالم كما هو، بل صوّرت له أن العالم كائن عملاق متوحش، ويجب محاربته، بكل ما أمكن من القوى النفسية، والتي بدورها تراكم كل ما لديها من نفايات التاريخ وتلقيها على سلوك الإنسان، ليبدو هو ولكن بصيغة معدلة، ويصبح المسكين في الموقف الراهن روحاً بمخالب قطة متوحشة، يصبح عقلاً بأنياب ذئب. لا يمكن ترويض من غادر رياض الأحلام الزاهية، وسكن في جزيرة تؤمها صور الوسواس المتضورة، وتحلق على رمالها طيور أبابيل ترجم النفس المتفاقمة، بالشك والريبة والأوهام المحتدمة. الشخص الغاضب مثل الأرض الرخوة لا يمكن الوثوق في صلابتها لكونها أرضاً تمتلئ بالماء الضحل، وتختبئ تحت طبقاتها فراغات أنوية، لم تكتمل دورتها في النشوء والارتقاء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغضب الغضب



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates