في التسامح 1

في التسامح (1)

في التسامح (1)

 صوت الإمارات -

في التسامح 1

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

في التسامح تبدو النفوس مثل جدول يذهب إلى الأشجار، فيجعلها تتفرع مترعة بالعذوبة.
في التسامح تبدو القلوب مثل محيط يحتضن سفن السفر البعيد، فيجعلها تسبح كطيور باذخة، في التسامح تبدو العقول مثل أزهار متفتحة، تنثر عطرها للناس أجمعين من دون تمزق، أو تعرق، أو تفرق.
في التسامح تبدو الأرواح، كقطنة الجروح تضمد، وتعضد، وتسرد قصة الحياة من دون ضغائن، يؤكد ذلك الفيلسوف والروائي الفرنسي الوجودي في قوله: (من المؤسف أن أكون سعيداً بمفردي).
في التسامح يصبح العالم نهراً يغذي السير نحو العشب لتصبح الحقول، خضراء يانعة بالحب والتألق، والتدفق، هكذا هي الحياة تصير بلا تجاعيد، ولا تغضنات، ولا تجاويف، ولا منخفضات تعكر صفو النمو، وتكدر مشاعر الناس، ولا تقتل جينات الوراثة التي طبعها الله في خليقته. 
في التسامح يتحول كسوف الشمس إلى ضوء مشع يشمل الوجود بأكمله، ويصبح خسوف القمر، لوجيناً وضاء، يسفر في الأرض، فتصير بساطاً من لآلئ فضية ناصعة، ساطعة، تضيء دروب الناس، وتمنحهم الاستنارة. 
في التسامح تختفي الألوان، وتفصح السماء عن بهاء بلون الذهب، وتبدو الأرض مساحة واسعة من دون تضاريس تحجب الأوطان عن بعضها، وتهزم الكراهية، وتبيد عنصر الكآبة عن الوجوه.
 في التسامح تمطر الغيمة حباً، وعلى أثره تترعرع غزلان الحياة، جذلى بما امتحن الإنسان نفسه، وما أبداه من شفافية أرق من قماشة الحرير، في التسامح تتحرر الشعوب من (الأنا) والتي تذوب، وتتلاشى في بوتقة الانسجام، وتلاحم السواعد لتصبح ساعداً عملاقاً، يحرث الأرض، لتنبت أشجاراً وارفة الظلال.
في التسامح، لا أحد غير الكل الذي يمضي في الطريق من أجل بناء عالم بشري، تسوده المحبة وعشق قصيدة الولاء لأمنا الأرض.
يقول أدغار موران باز: (يكمن كنز البشرية في تنوعها الإبداعي، ومصدر تنوعها في وحدتها المولدة)، كما أوضح أوكتافيو باز في قوله: (يمتاز كل فرد في تفرده، ولكن في داخل كل فرد يكمن أفراد آخرون لا يعرفهم).
هذه هي كينونتنا وهذه هي طبيعتنا، ونحن مع طبيعتنا، نكون الأسعد، والأوسع إدراكاً. نكون في الوجود فراشات تلون الحياة بالجمال، وكمال السجية.
في التسامح تحتفل النجوم بفطرتنا، وتحتفي الأرض بوعينا، بأننا جزء من هذا الوجود المتحد، على أرض واحدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في التسامح 1 في التسامح 1



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 08:52 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

1.2 مليون زائر لمعرض الشارقة الدولي للكتاب

GMT 23:26 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السودانية هديل أنور بطلة تحدي القراءة العربي

GMT 10:26 2013 الثلاثاء ,20 آب / أغسطس

دار إبداع تصدر الكتاب الساخر "يا صلاة العيد"

GMT 14:26 2013 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

10 أخطاء يجب تجنبها عند اختيار ديكورات المنزل

GMT 12:22 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق اختبارات مسابقة "جولدن سينجر" للمواهب

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 23:40 2017 الجمعة ,24 شباط / فبراير

إكسسوارات تمنحك الهدوء والراحة في غرفة النوم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates