لو توقف التويتر يوماً

لو توقف التويتر يوماً؟

لو توقف التويتر يوماً؟

 صوت الإمارات -

لو توقف التويتر يوماً

بقلم - علي ابو الريش

أتخيل لو توقف التويتر يوماً، لأي سبب من الأسباب، فماذا سيفعل المتشاحنون، والمحتقنون، والمتشاتمون، والذين استخدموا هذه الأداة الحضارية وحولوها إلى قناة مائية مليئة بالحثالة، والحشرات النافقة، وبقايا فضلات؟
أتخيل ذلك وأنا أتابع أحياناً ما تلفظه بعض العقول من نفايات التاريخ، وأحافير أفكار، ومومياوات نسي المشرحون تحنيطها بشكل جيد، فتركت هكذا في عفنها ونتانتها.
أتخيل كيف وصلنا إلى حافة الوعي، وتجاهلنا كبشر دورنا الحضاري في استخدام التويتر، ليس للسباب، ونشر الغسيل القذر على حبال عصبيتنا، وحماقتنا، وسذاجتنا، وإنما لبناء علاقات سوية مع الآخر، ونشر ثقافة التواصل على صفحات جداول ماء صافية، من دون أفكار مثقلة بالأنانية، ومحملة على متن عربات صدئة، ومكسوة بغبار الأيام الخوالي.
أتخيل أن هؤلاء الناس لو تعطل التويتر يوماً ما، فسوف ينزلون إلى الشوارع، ويتراشقون بالحجارة، ويتشابكون بالأيدي، ويستعيدون عصور ما قبل الوعي، وتصبح الحياة مثل غابة كائنات متوحشة.
أتخيل ذلك، والشواهد الموضوعية تدل على ذلك، لأن الناس أصبحوا لا يطيقون حتى الثياب التي تستر عوراتهم، أصبحت صدور الناس في زحمة الأنانية، أضيق من ثقب الإبرة، وأرواحهم مثل صفائح أنهكها الصدأ، وقلوبهم مثقوبة بأشواك الكراهية، وعيونهم لا ترى أبعد من أخمص القدم.
أتخيل أن رواد التويتر، تمرّست أصابعهم على كتابة الكلمات النابية، والألفاظ البذيئة، مما يصعب عليهم الأمر، ويجعلهم مثل أطفال الروضة، لو حاولوا كتابة كلمة، مبهجة، أو تسجيل عبارة تبشر ببناء علاقة حميمة مع الآخر.
أصبحنا نكره شيئاً اسمه تويتر، ليس لخطأ في التويتر وإنما للوثة عقلية أصابت كل من لديه الاستعداد لولوج حوار ما، حتى ولو كان يخص الطبيخ فسوف تجد من الكلمات ما يندى له الجبين. فلا أحد يتحمل رأي أحد، ولا أحد يعترف بأفكار أحد، فكل يقول: أنا ابن جلا وطلاع الثنايا - متى أضع العمامة تعرفوني.
كل يقول أنا هنا، فليصمت الجميع، أنا الحقيقة، وغيري هراء، وافتراء. هذه هي الأنا، عندما تتورم، تصبح جبلاً من نار، ويصبح الإنسان صخرة «سيزيف» كلما دحرجها سيزيف إلى الأعلى، كلما ناء بها ظهره وانحطت إلى الأسفل. الناس أصبحوا يعيشون بالنوايا، ولا يخطبون ود الحياة، كما هي بفطرتها النبيلة. الناس غادروا منطقة الأحلام الزاهية، وارتموا في أحضان الوهم، وخداع الصور الكئيبة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لو توقف التويتر يوماً لو توقف التويتر يوماً



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates