المقارنة

المقارنة

المقارنة

 صوت الإمارات -

المقارنة

بقلم - علي ابو الريش

لا تضع نفسك في حومة المقارنة، أنها تفرقة، وتجعلك طرائق قددا، تجعلك في قلب الألم، بقعة سوداء مدلهمة، معتمة، قاتمة. قف فقط عند ضفة النهر، وتفرج على الطيور كيف تحلق، وكيف ترفرف، ولا تفكر في الطيران، لأنك في محاولتك الطيران سوف تقع وقد تقع في قلب النهر وتغرق.
المقارنة تجعلك تزيل اللفافة التي تضمد كسراً في إحدى ساقيك، لتتبع شاباً في مقتبل العمر. سوف تبذل جهداً للحاق بالشاب، ولكن ستقع لا محالة، وسوف يزداد ألمك، وتنكص إلى مرحلة من العمر لا توفر لك إلا المزيد من أوهام المقارنة. لا تقارن نفسك بالآخرين، ولا تقل يجب أن أصبح طبيباً، لأن زميلي صار طبيباً، بل ابحث عن إمكانياتك وفتش عن ملكاتك الداخلية سوف تجد ما ينتظرك ويستقبل رغبتك بترحاب. سوف تنجح وتحقق مجداً مجيداً، عندما تكون أنت، وليس هم.
لا تقارن، فالمقارنة تميتك، وتحيي فشلك، وخيباتك، ونكباتك، وكبواتك، وهزاتك، وزلاتك، وهناتك المقارنة، تسلبك منك وتعيدك إلى مراحل العجز، والاتكالية، والانهزامية. فأنت عندما تفكر بالمقارنة سوف تلجأ إلى التقليد، والتقليد يشوهك، تصبح أنت مثل العربة القديمة التي يحاول صاحبها أن يحولها إلى عربة جديدة، فماذا يفعل المسكين؟ إنه سيقوم بترميم عظام الميت، ووضع مساحيق التجميل على وجهه، ليقول للعالم إنه أحيا ميتاً. ولكن هل يعود الأموات من القبور؟ هذه هي المعجزة التي يفكر أن يقتحمها من يريد أن يقارن نفسه بغيره. إنه يفعل ذلك، ويستمر في غلوائه، ولا يعرف أنه كلما تمادى في المقارنة سحق الكائن في داخله، ومسخه، وأصبح بلا شخصية، لأنه يظهر أمام العالم بشخصية غيره وشخصية الآخر مثل جلباب جديد تحاول أن ترتديه ولكنه لا يليق بك، إنه جلباب غيرك الأطول منك أو الأقصر، والأسمن، أو الأنحف. 
في كل الحالات أنت عندما تقارن تضطر أن تختفي وراء غيرك ولن يراك أحد لأنك لن تكون أنت بل سيكون غيرك الذي يحضر حفل الزفاف على القرينة الموقرة، (الحقيقة) ستكون أنت في حالة المقارنة على غير حقيقتك، ستكون أنت في حضرة الأوهام، ستكون أنت في واقع الأمر ليس إلا كياناً هلامياً لا يُرى بالعين المجردة، أنت ستبدو مثل ذرة التراب التي تختفي تحت سجادة رثة قديمة. احتفل بما لديك، وامتلئ بالسعادة، ولا تنظر إلى هناك، ولا تشير بالسبابة إلى تلك البقعة التي تعتقد أنها شعاعاً، ضع أصبع السبابة على صدرك، وأشر إلى هنا ستجد نفسك في المنطقة المباركة من الذات، أنه جوهرك الذي أنت هو سوف تكبر، وتتسع قدراتك، ويختفي الألم، ألم المقارنة، الذي يؤذيك، ولا يغنيك، والذي يهينك، ولا يعينك، والذي يكسرك، ولا يرفعك، والذي يهزمك ولا ينصرك، والذي يحبطك ولا يغبطك، والذي يتعسك ولا يسعدك، والذي يجعلك تابعاً، ويجعلك ترساً في الآلة، يجعلك كبشاً ضمن القطيع. المقارنة اختراع بشري كلما ارتفعت حدتها أخفق الإنسان في تحقيق ذاته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المقارنة المقارنة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates