في تفسير الأحلام

في تفسير الأحلام

في تفسير الأحلام

 صوت الإمارات -

في تفسير الأحلام

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

ابتلينا في زماننا بنفر من البشر، تبوؤوا مراتب العلا، وصعدوا السماء، وجلبوا من فيض النجوم، ما يفوق قدرة النجوم على إضاءة السماء، ولو كانت داكنة مثل عقل كائن بدائي.
اليوم تمتلئ الشاشات الملونة بكتلة ضخمة من المنجمين والمحللين والمفسرين، والمهرطقين، والذين أمسكوا بعصا موسى، وعبقرية سحرة فرعون، وأبدعوا في رسم الصورة الخيالية، ونبغوا في تقطير ماء البحر، وجلبه إلى أذهان الناس كي يغتسلوا بالملح لا بالسكر.
هؤلاء «الشامانية» الجدد هم نباة العقل المسهب في اللاعقل، هؤلاء هم دعاة البحث عن إبرة خياطة الأقمشة المرقعة في زمن يفتق كل الخيوط كي تبدو عورات العالم بائنة، ليبدؤوا في تجميع الفتات، وترقيع الشتات، والسير بالعقل، نحو غايات وهمية لا يعلمها إلا كل ذي عقل متوهم.
اليوم عندما تسمع أحدهم يسرد قصة أشبه بخرافة أم الدويس، أو بابا درياه، تشعر وكأنك أمام كاهن بوذي يقرفص ساقيه، ويولي وجهه تجاه غرفة الكون الفسيح، ويطرق أبواب الفراغ الهائل، ويحكي للناس عن قدرته على جلب الحظ لكل من يتبع خطاه، ويسير على مبدئه الخيالي.
اليوم وبعد أن حار الفطين بما تفعله الشياطين، وما تبديه عقول المجانين، صار من السهل على كل مشعوذ، وأفّاقٍ، وآثم، ومشاء بنميم، أن يحصد العقول، كما تحصد أنثى بدائية حبات القمح من بين تبن وقش، ويمضي بوجدان الناس إلى مناطق معشوشبة بأزهار برية متوهمة، ويفرد ذراعيه، ويبحلق عينيه، ويرعد، ويزبد، ويتمطق ويتنطع، والعالم ينصت بإمعان وكأن هذا المخلوق جاء بالسر الدفين، ليلقيه على المسامع، ويقذفه على العقول.
اليوم، أصبح المنجمون كثراً، في السياسة، والاقتصاد، وحتى في الدين، لأن المقاييس اختفت والمعايير تلاشت، والقيم انتهت إلى فراغات وسيعة، أوسع من عقل الجاهل.
اليوم نحتاج إلى معمل كيميائي عملاق، ليحلل شخصية أصغر محلل في السياسة، لأن ما يحدث فوق التصور، وفوق قدرة العاقل كي يصدق ما يطفو على سطح المياه الآسنة.
اليوم بمقدور أي سفيه أن يحلل أحلامنا، وأن يفكر قبلنا في مصيرنا، لاختلاط الحابل بالنابل ولاتساع رقعة الوسائل الإعلامية، والتي تفتح أبواقاً أشبه بمواسير المياه غير الصالحة للشرب.
اليوم كل وسيلة إعلامية تسابق مثيلاتها في استقطاب المهرجين الذين ترقص على رؤوسهم ذبابات دوخها الرقص على أنغام الفجر الغائب.
اليوم يعيش العالم على وقع حفلة تذبح لأجلها الحقيقة، وينتحر العقل، ولا حياة لمن تنادي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في تفسير الأحلام في تفسير الأحلام



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 08:52 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

1.2 مليون زائر لمعرض الشارقة الدولي للكتاب

GMT 23:26 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السودانية هديل أنور بطلة تحدي القراءة العربي

GMT 10:26 2013 الثلاثاء ,20 آب / أغسطس

دار إبداع تصدر الكتاب الساخر "يا صلاة العيد"

GMT 14:26 2013 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

10 أخطاء يجب تجنبها عند اختيار ديكورات المنزل

GMT 12:22 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق اختبارات مسابقة "جولدن سينجر" للمواهب

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 23:40 2017 الجمعة ,24 شباط / فبراير

إكسسوارات تمنحك الهدوء والراحة في غرفة النوم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates