موظفون ساعاتيون «2  2»

موظفون ساعاتيون «2 - 2»

موظفون ساعاتيون «2 - 2»

 صوت الإمارات -

موظفون ساعاتيون «2  2»

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

ولو تخيلنا أن كل أفراد المجتمع غرقوا في الوقت، وأصبحوا ترساً في الآلة، كما قال الفيلسوف الألماني مارتن هايدجر، فإنه من الراجح أن يتحول المجتمع بأسره إلى ماكينة عملاقة، تسحق تحت أضراسها طاقة الناس، وتمحق مشاعرهم، ليصبحوا هم مجرد آلات، جامدة، وحادة، تقطع الصلة بين الأفراد، وتمنع التواصل الإنساني.

لو تخيلنا المرأة والرجل، منغمسين في طاحونة العمل الوظيفي، ويبدآن نهارهما منذ الساعة السابعة صباحاً، ويعودان في الساعة الخامسة، وهذا في أقل تقدير.ولنتصور شكل العلاقة التي تربط هذين الزوجين ببعضهما، وكذلك علاقتهما بالأبناء، والذين أيضاً لهم ظروفهم الدراسية، التي لا تطلق لهم سراحاً إلا بعد الساعة الثالثة مساء.

حقيقة من ينظر إلى هذا المشهد، يصاب بالصعقة الكهربائية، حيث النظرة الأولى لوجه الزوجة وهي قادمة من مكان العمل يبدو مثل رغيف حاف، ومشاعرها أشبه بنشارة خشب، وحديثها، كلمات تخرج من فيها مثل أحجار متناثرة على أرض صماء.

أما الزوج، فهو يدخل منزل الأسرة، وقد بنت العنكبوت على محياه المكفهر، شبكة من الأسئلة الغامضة، ينظر إلى الزوجة، كامرأة يصادفها لأول مرة، يجلس على مائدة الطعام، يأكل منفرداً، رغم وجود الزوجة على الطرف الآخر من سفرة الأكل.

الاثنان يتثاءبان، والاثنان يجلسان في المكان الواحد، وكأنهما يزوران منطقة تنفث دخان حرائق للنفايات، فلا يطيقان رؤية بعضها، ويأكلان وكأن الطعام الذي يقذفانه في أحشائهما، مغسول بماء ضحل لا يستساغ.
أما الأبناء الذين غطسوا في الواجبات الدراسية، فلم يعد لهم أثر، ولا أحد من الوالدين لديه الرغبة في السؤال، عن هذا الصغير، أو تلك الصغيرة.

هذه التشققات في نسيج العلاقة بين أفراد الأسرة الواحدة، جاءت كرد فعل على زمن أهدر وأصبح وقتاً ضائعاً، لا يقدم إنتاجاً، ولا يعقد علاقة سليمة، والنتيجة، الكاسب الأوحد هم عاملات المنازل، اللاتي يحكمن مملكة الأسر، وهن اللاتي يقمن بتأثيث المنازل بمشاعر لا تمت بصلة إلى تلك القيم الاجتماعية التي تربى على أثرها جيل لم يعمل بالساعات، وإنما عمل بالانتماء إلى الأسرة، وإلى مكان العمل.
كان جيلاً حالماً، لم تتشقق أشرعته رغم قسوة الريح الصحراوية، ولم تتوقف ركابه عن خوض غمار الرمال الصفرا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موظفون ساعاتيون «2  2» موظفون ساعاتيون «2  2»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 08:52 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

1.2 مليون زائر لمعرض الشارقة الدولي للكتاب

GMT 23:26 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السودانية هديل أنور بطلة تحدي القراءة العربي

GMT 10:26 2013 الثلاثاء ,20 آب / أغسطس

دار إبداع تصدر الكتاب الساخر "يا صلاة العيد"

GMT 14:26 2013 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

10 أخطاء يجب تجنبها عند اختيار ديكورات المنزل

GMT 12:22 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق اختبارات مسابقة "جولدن سينجر" للمواهب

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 23:40 2017 الجمعة ,24 شباط / فبراير

إكسسوارات تمنحك الهدوء والراحة في غرفة النوم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates