الوهم

الوهم

الوهم

 صوت الإمارات -

الوهم

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

الوهم هو المكان الذي يرسم العقل فيه صورة أمنية تبدو مثل طائر يتخبط في فضاء مليء بالغبار.
عندما يتوارى العقل خلف كتلة من الصور الوهمية، تبرز صورة الواقع الإنساني مبهمة، وغامضة متشكلة على صورة جزيئات لا شكل لها، ولا معنى غير أنها موجودة في السبورة الذهنية، تبدو مثل خربشة على جدران قديمة، قابلة للتأويل.
نحن نبلغ في الوهم مستوى عالياً من الانتشاء أحياناً وأحياناً يقتحم ذاكرتنا خوف فظيع، ومؤلم. المتوهم شخص عالق في الظلام، يرى الأشياء على غير حقيقتها، فعندما يقول لك شخص لقد رأيت طائراً عملاقاً في الظلام يشبه نسراً جبلياً لكنه بلا عينين، وكان ينعق بصوت جهور، مخيف، يهز الوجود مثل زلزال عنيف.
هذا الشخص هو في حقيقة الأمر يتحدث عن صورة ذهنية ليس لها علاقة بالواقع، فلا يمكن لإنسان أن يرى طائراً في الظلام، ويستطيع أن يحدد أن كانت له عينان أم لا.
الخوف من رؤية طائر أو أي كائن عملاق تحت جنح الظلام، ينقل له صوراً مختلفة من الأشكال، وهذا يحدث في القصص الخرافية، مثل قصة أم الدويس أو بابا درياه التي دارت حولهما روايات، وحكايات، وأحاديث لم تكن في الواقع سوى صور متوهمة.
تجتمع مثل هذه الصور في الأذهان المهيأة لصناعة الصور الخيالية وهي الأذهان التي تنزع إلى التفكير الخيالي بدلاً من التفكير الواقعي، وقد دارت مساجلات، ومناظرات في مضامير الفلسفة، وبرز فلاسفة أججوا صراعات فكرية حول ما إذا الوجود الإنساني محض خيال، أم واقعاً، ويحضر هنا أوجست كونت مؤسس علم الاجتماع الغربي الذي آمن بالفلسفة الوضعية، في مقابل الفلسفة المثالية على يد أفلاطون، ومن بعده تلامذته المخلصين أمثال أفلاطون، ثم تلاه فلاسفة الغرب المحدثون مثل كانط صاحب النظرية النقدية، وفي كتابه نقد العقل الخالص، فند كانط معنى أن يكون الإنسان مثالياً، على الرغم من أن هذا الفيلسوف أوضح وجهة نظره حول العقل الخالص، والعقل الناقص، وفي كلا الحالتين توجه كانط إلى العالم بنظرية متكاملة تؤدي إلى وجود عقل خيالي، محض.
فالخيال هو نتيجة تصور عقلي، والوضعية هي حصيلة تجربة الواقع، ويرجع كونت وجود العقل الخيالي أو المثالي إلى عجز الإنسان في التواصل مع الواقع، بناء على التصاقه بعالم الماورائية وهي سجية بشرية، تعود إلى عهود كان فيها الإنسان ينطلق من إحساسه بالضعف، أمام كون عملاق، مليء بالظواهر المرعبة.
ولكن على الرغم من التطور المذهل الذي حققه الإنسان على المستوى التقني والمادي، إلا أن بذرة الخوف من هذا الكون العملاق ما زالت راسخة في ذهنه، ونرى ذلك في سباق الوصول إلى القوة الرادعة، ضد الآخر، وهي صورة تشبيه الآخر المخيف بالكون الكبير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوهم الوهم



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates