الضجيج «1  2»

الضجيج «1 - 2»

الضجيج «1 - 2»

 صوت الإمارات -

الضجيج «1  2»

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

عندما تجد شخصاً يلوب في المكان مثل ذبابة حائرة، فاعلم أن هناك ضجيج فكرة ما يؤلب مشاعره، ويحرضها على الدوران حول نقطة ما غائرة في التاريخ الشخصي.
الضجيج في الرأس مثل التيارات الهوائية التي تقلب الرمال وتراكمها في الطريق العام فتمنع العربات من المرور.
هكذا يصبح الشخص عندما ينحشر أمام فكرة ما غامضة لا يعرف لها أصلاً، ولكنها تدور في رأسه، تقلب، وتجلب وتنكب، وتصخب، وتنهب، وتسلب، وتحطب في غابة الرأس، ولا يستطيع الشخص الفكاك من قبضتها الحديدية.
عندما يكون الشخص تحت رحمة فكرة، نكص إليها وتثبت عند دائرتها الضيقة، يصبح أسير هذه الفكرة، يغوص في بئرها العميق ويتوغل في سوادها المعتم، ولا تغريه المثيرات الأخرى مهما بذل من جهد للتحرر من فكرته الأصلية. غالباً ما تكون هذه الفكرة، من نتاج مراحل طفولية باكرة، الأمر الذي يجعلها غير معروفة الأصل، وغير مفهومة، الأسباب.
يعيش الشخص المثبت عند هذه الفكرة، حالة من التيه، والدوران حول النفس، والضياع في مجاهيل الفكرة نفسها، تنتابه حالة من العصبية، والتشنج، والبحلقة في الفراغ، وعدم القدرة على النوم، وفقدان الأصدقاء بسرعة فائقة، وخسارة الوظيفة، والعلاقة العاطفية الفاشلة.
هذا الشخص عاطفي إلى درجة الشك في كل ما يدور من حوله، ولديه القدرة على رسم الصور الخيالية حول كل كلمة يفوه بها الآخرون، وتأويلها، وتحويلها إلى طاولة نقاش لا تنتهي تفاصيله، ولا تتوقف مجاريه عن التدفق مثل أنبوب ماء مثقوب.
الضجيج في الرأس ينتج عن صراع داخلي لم تحل عقدته لدى الشخص المصاب بهذا الداء.
الضجيج من أبشع الأمراض النفسية التي يصاب بها الأشخاص، لأنه في حالة كهذه، يصبح الشخص مسلوب الإرادة، إنه يتصرف بمحض إرادة فكرة غرست مساميرها في الرأس، ولا مجال لاقتلاعها، مما يجعله رهينة هذه الفكرة، أو سجين عالم مبهم، مسور بصور خيالية سحرية، مهيبة، ودائماً ما يتشبث هذا الشخص بالشعوذة، والقوى الماورائية، والأشباح، والجن، وغيرها من الصور الذهنية المنتقاة من قبل العقل المدفون تحت طين الهذيانات، والمهلوسة.
الضجيج يجعل الشخص، هشاً، متقلباً، متدحرجاً مثل صخرة، تتدحرج على سفح جبل.
الضجيج يأخذ الشخص بعيداً عن واقعه، يجعله مثل طائرة مخطوفة، لا يعرف له مآل، ولا يفهم له مصير.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الضجيج «1  2» الضجيج «1  2»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 08:52 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

1.2 مليون زائر لمعرض الشارقة الدولي للكتاب

GMT 23:26 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السودانية هديل أنور بطلة تحدي القراءة العربي

GMT 10:26 2013 الثلاثاء ,20 آب / أغسطس

دار إبداع تصدر الكتاب الساخر "يا صلاة العيد"

GMT 14:26 2013 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

10 أخطاء يجب تجنبها عند اختيار ديكورات المنزل

GMT 12:22 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق اختبارات مسابقة "جولدن سينجر" للمواهب

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 23:40 2017 الجمعة ,24 شباط / فبراير

إكسسوارات تمنحك الهدوء والراحة في غرفة النوم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates