أدبر وتولى 2019

أدبر وتولى 2019

أدبر وتولى 2019

 صوت الإمارات -

أدبر وتولى 2019

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

يقف هذا الفتى عند ناصية ملأى بالصور والمشاهد، وينظر إلى المارة من حوله، فيرى الصورة مثل وجه في مرآة قاتمة، ولكنها تخبئ في تلافيف زجاجها الكالح بعض حنايا مهشمة، وبعض تاريخ مكسور، وبعض وجوه شائهة، وبعض أحداث مرَّت من هنا مثل عواصف أطاحت بما يعرشون.
عندما يتذكر ما خفي، يجده أعظم من موجة محيط تقضم من جسد السواحل، وتردم حفر القواقع التي سارت على الرملة، كأنها تبحث عن مصير ضائع.
يتأمَّل الفتى المشهد، وكأنه يمر بناظريه على لوحة تشكيلية غامضة، لفنان مجهول ثم يصغي لصوت داخلي، يأتيه من مكان بعيد، يقول له الصوت، هاتها، فهذه الأذن كانت مرتعاً لحفل جنائزي مهيب، واليوم هي مجرد ثقب ضيق، محاط بأسطوانة رقيقة، هاتها كي تستعيد عافيتها، وتعيد قراءة ما قاله ذلك الرجل الكهل لك ذات مساء، وكنت أنت في أتم صفائك.
اسمع هذه الكلمات، وضعها حلقة في أذنك، فإذا كنت تريد أن تمشي على الأرض، فيجب أن تضرب قدميك على الأديم بقوة، كي تسمع من به صمم، فالعالم لا يستمع إلا إلى ضربات الأخف الثقيلة. لم تع أنت معنى هذه العبارة، فقد كنت أصغر من أن تستوعب ما يقال لك.
اليوم، وقد اتسعت حدقتا وعيك، أصبحت في كامل قواك الذهنية، اليوم صرت تستفسر عن معنى الأخفاف الثقيلة، وفهمت من تلك العبارة أنك إذا أردت أن تصل كلماتك إلى الآخرين، فعليك أن تكون قوياً، فالعالم لا يستمع إلا إلى الأقوياء، العالم لا يلتفت إلى الضعفاء، لأن صوتهم لا يتجاوز حدود أفواههم.
ضحك الفتى، وحك صدغه، ثم نظر إلى الأفق، ورأى ما يشبه اللهب، يخرج من فم كائن عملاق، وظل يتأمل الصورة، فالتفت إلى العالم من حوله الذين يسعون، سعي النمل من أجل حاجة في نفس يعقوب، وقال في سره، شكراً لك أيها «الأب» العظيم، لقد كانت لك مقلة مثل مصباح منير، تخترق البقعة القاتمة، وتحرق الحشائش اليابسة، وتمضي في تفكيك العقد في خيط الصيد، اليوم عرفت أنك كنت عظيماً، وكنت أنا أضعف من جناح بعوضة، ولا زلت أحمل هذا الجناح، ولذلك عندما أصرخ، لا أجد الآذان التي تسمع ولا العقول التي تذعن، فقط أنا وحدي الذي أصرخ في الخواء، ولا يرتد صدى الصوت ولا يعتد أحد بما أتفوه به.
ابتسم عن غصة تحكمت في مهجته، ثم أدار وجهه، باحثاً عن ذلك الأب، ولكن قد فات الأوان، ولم يبق في طرف الناصية، غير صرخة، يتيمة، مغللة بنكوص، إلى فراغ مراحل أصبحت مثل دائرة قطبية، شديدة البرودة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أدبر وتولى 2019 أدبر وتولى 2019



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates