الخوف

الخوف

الخوف

 صوت الإمارات -

الخوف

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

يبرز الخوف عندما نخالف قانون الطبيعة، وندخل في القوانين الاجتماعية.
الطبيعة تحثنا على الاتحاد مع مكوناتها، ولا تشق طريقاً وعرة، تفصل المكونات عن بعضها بينما القوانين الاجتماعية هي من اختراع إنسان قوي، أراد أن يفرض قانونه الخاص على الإنسان الأضعف، ما يحفز نفس الضعيف على الخوف، ويحفر شرخاً عميقاً في داخله، يؤجج الصرخة الداخلية المكتومة.
في قوانين الطبيعة، لا يوجد الأفراد أصحاب الإرادة الأقوى، وكذلك الأضعف، بل توجد الطبيعة، التي تنسق مشاعر كائناتها بما يخدم مصالح الوجود الإنساني.
في الطبيعة قانون واحد لا أكثر، يقوم على ترتيب التواصل بين المخلوقات، ولا نشاز، ولا انحياز، ولا خروج عن جادة الطريق، الأمر الذي يزيح الخوف، ويجعل من الطبيعة وعاءً واحداً، تؤمه كل المخلوقات.
لقد وضع الإنسان القوانين ليحدد دور قرون الاستشعار، ويسدد فاتورة خوفه، على حساب النظام الكوني.
نحن نخاف عندما نشعر بالخلل، وعندما يعترينا الزلل، وعندما ينتابنا الكلل، وعندما لا نستطيع تفسير ما يحدث في الكون، فنلجأ إلى القوانين ولكن هذه القوانين لا تأتي لحل معضلة طبيعية، وإنما لإشباع رغبة بشرية، يكون فيها القوي هو المسنن لهذه القوانين، وبالتالي لا بد من وجود الرغبة الأنانية التي تفرض شروطها، وتضع نواميسها، وتقيم ماذا هو الأصلح، وماذا هو الأسوأ.
عندما يحدث مثل هذا الانحراف الأخلاقي في وضع القوانين، ينشأ الخوف، وتكبر فقاعاته، وتتسع، حتى تنفجر، في وجه الخائف. إذن الخوف صناعة بشرية بحتة، واختراع عقلي، خرافي، خيالي، جاء من منطقة الذاتية الصرفة، جاء من مكان ما من الذات، الخائفة.
القانون الطبيعي يجعلك مثل النهر، يعرف منبعه، كما يعرف مصبه، بينما القانون الاجتماعي، مثل الرمال المتحركة، هي من نتاج تصادم الكثبان الرملية مع الرياح، الرياح هي مزاج الإنسان، ورغبه في بسط النفوذ على الآخر.
عندما يفرد القوي عضلاته، ويقف وسط جمع من الناس الضعفاء، ويتأمل وجوههم، يقول في نفسه ماذا عليّ أن افعل كي أقود هذا القطيع؟ وفوراً يهتدي إلى الفكرة الناجعة ويصل إلى الحل. لكي يسطو القوي على إرادة الضعفاء، يضع لهم القوانين، ويسن الضوابط، ويحدد الطرق التي يراها مناسبة لتكبيل أرادة الضعفاء.
وتستمر قافلة القوانين الخانقة، كما يستمر الخوف في بناء أعشاشه، خوفاً من القوانين، وخشية من عدم القدرة على تنفيذها. وما بين التنفيذ، وعدم التنفيذ، ينشأ الخوف، ويكبر، ويترعرع في النفوس الهشة، والفرائص المرتعدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخوف الخوف



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates