الذائقة

الذائقة

الذائقة

 صوت الإمارات -

الذائقة

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

الذائقة البشرية، هي وليدة ثقافة، ولكل مرحلة من الزمان الإنساني ثقافته، كما أن له ذائقته، في المأكل، والمشرب، والملبس، وفي السمع والبصر.
اليوم لو قدمت ربة المنزل لأطفالها طبقاً محشواً بالأرز والسمك، سوف تلقى نفوراً من هذه المائدة الغريبة على الذائقة، وسوف تواجه بانتقاد، وعزوف للرائحة التي تزكم أنوف الأطفال الذين جاؤوا من منطقة ما من الزمن ملأت أنوفهم برائحة الأكلات السريعة.
اليوم لو أخذت جولة في أحد المحال الكبرى، سوف ترى أصنافاً من البشر الصغار، يرتدون ملابس لو عرضت في مرحلة سابقة من الزمن، سوف تلقى انتقاداً لاذعاً، وسخرية، وإدانة، بينما هي اليوم أصبحت واقعاً لا محالة.
اليوم لو جلست في مكان عام، في مقهى أو «كوفي شوب»، سوف تلاحظ أن جمعاً من البشر غارقين في مخيلة الإنترنت واسعة الوفاض شاسعة الفيض، وربما تدخل في هذه الأمكنة، وتقف لزمن فلن يرفع جبيناً نحوك، حتى ولو كان الجالسون من أقرب الأقرباء، ومن دمك ولحمك.
اليوم لو عاينت وجه ابنك ستجد قصة الشعر على جانبي الرأس، تفجر ثقافة سيريالية بذائقة بلون الرماد على طبق من خزف.
نحن نهتم بالذي عهدناه، وأطفالنا يهتمون بما أدركوا من تغير في الواقع الذهني، نحن نفكر بالماضي، وهم يعيشون الحاضر، هم غارقون في اللحظة الراهنة، ونحن متشبثون في بقعة الزمن التالفة، ولا قاسم مشترك يربط بين الزمنين.
المعضلة تقع عندما نفكر نحن بأن نعيد الأمور إلى نصابها الصحيح كما نتصوره نحن، ونطلب من الصغار أن يكبروا، وان يتسلقوا سلم العمر متأبطين حبال الإرادة الوهمية كما نتخيلها وأن يصعدوا، ولا يتوانوا في الصعود وينبذوا زمنهم، لأنه ليس زمننا، وعليهم أن ينفذوا ما يأمرهم به الكبار.
من هنا تتسع الفجوة، فلا نحن نقبل بزمنهم ولا هم يستطيعون الوقوف عند زمننا، وبالتالي يشعر كل منا بالإحجام عن التواصل، ما ينتج عنه سقوط في بحيرة الجفاف العاطفي، يليه الإجحاف، والقنوط، وتصحر العلاقة بين الطرفين إلى درجة العدائية.
عدم الاعتراف بقدرة التاريخ في تغيير الثقافة وما ينتج عنها من تغير في الذائقة، هو الفأس الذي يحطم جذر الشجرة، وهو الناب الذي يمزق جسد المجتمع، وهو المخلب الذي يعرقل الخطوات إلى الأمام.
نحتاج إلى الوعي بأهمية الدور الذي يلعبه التاريخ في صناعة العقل، وصياغة الثقافة، ومن بعدها تشكيل لوحة الذائقة، مع وضع المعايير التي توفق بين بريق الجديد، وأصالة القديم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذائقة الذائقة



GMT 03:28 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

«ودارت الأيام»

GMT 03:28 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

المساعدات والهيمنة

GMT 03:27 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

حين يصبح التحرير تهجيراً وعودة

GMT 03:26 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

هل يمكن إنتاج أوبريت «ترمب في طهران»؟

GMT 03:26 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

لبنان... عن علي مراد وعقلانية الاعتراض الشيعي

GMT 03:24 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

بودكاست ترمب

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates