الطبيعة أعظم حكيم

الطبيعة أعظم حكيم

الطبيعة أعظم حكيم

 صوت الإمارات -

الطبيعة أعظم حكيم

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

ربما لم تشهد البشرية كارثة منذ الحرب العالمية الثانية، أشد فتكاً من وباء فيروس «الكورونا»، وربما لم يصب العالم بفزع وهلع منذ زمان الكوليرا والطاعون، مثلما أصيب في هذه اللحظات الحاسمة من حياة البشرية، وذلك للصدمة التي أثارها هذا الفيروس اللعين للعقل البشري الذي ظن لفترة طويلة أنه الكائن العبقري، والمسيطر على مفاصل الطبيعة.
ولكن كل ما يحدث في الطبيعة من حسن أو سيئ لا بد وأن يحمل في طياته بذرة نقيضه، فهذا الوباء المرعب، رغم كل سيئاته، إلا أنه صنع واقعاً اجتماعياً جديداً في حياتنا المعيشية، فالنساء الشابات، اليانعات، اليافعات، اللاتي كن يخشين على أظافرهن المطلية بالأحمر والأخضر والبني، وغيرها من الألوان، والأشكال المذهلة، أصبحن اليوم خبيرات بصنع قوت أولادهن بأيديهن، وأصبحت تلك الأصابع التي كان يخشى عليها من البلل، وعجرفة الأواني والصحون، تخوض معارك الشرف في المطابخ بصرامة وجسارة وبكل ود، ومن دون تأفف أو أنين، لأن الحاجة وليدة الاختراع، ولأن التمنع من الاعتماد على الذات يؤدي إلى الموت جوعاً، كل ما تخشاه النساء، لأن عدم التغذية سيصيبهن بالضعف أو حتى بالأنيميا، وهذا ما لا تقبل به أي امرأة شرقية، لأن النحافة الزائدة منفرة، حتى وإن ادعت بعضهن بمسايرة الموضة والسعي إلى ترطيب خواطر البعول الذين تدهشهم الألوان البراقة.
حقيقة نستطيع أن نقول إن الـ «كورونا» كرّس ثقافة جديدة، ورسخ واقعاً إنسانياً واجتماعياً جديداً، ولا نستطيع إلا أن نقول «رب ضارة نافعة»، وهذا الضرر الفظيع الذي أزهق الأرواح، وأشاع الرعب، وشل حركة العالم، ربما نخرج منه ببارقة أمل تسع الأوطان الإنسانية جميعاً، وهي تسرب القناعة إلى نفوس الكثير من النساء من أنه لا شيء أجمل وأنبل وأكمل من الاعتماد على النفس، والاقتناع أيضاً من أن الاتكال على ما تبديه سواعد الآخرين، ليس إلا من باب الخداع البصرية التي توهم الكثيرات من أن جلوس القرفصاء، وانتظار ما تمن عليهن تلك السواعد، هو من واقع الأبهة، والشرف الرفيع.
ربما يكون لهذه الجائحة، ما يفتح «العيون التي في طرفها حور»، ويعيد التاريخ إلى سابق مجده، بعد أن تنقشع الغمة، وتعود نعمة السكينة إلى العالم.
حقيقة هذه ثقافة، ربما تكون جديدة على ذوات الحسن والجمال، ولكنها ثقافة قديمة وتعتز بها أولئك الماجدات اللاتي حملن أثقال العيش على رؤوسهن، ولم يعبس لهن جبين، ولم يسخط لهن خاطر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطبيعة أعظم حكيم الطبيعة أعظم حكيم



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 08:52 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

1.2 مليون زائر لمعرض الشارقة الدولي للكتاب

GMT 23:26 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السودانية هديل أنور بطلة تحدي القراءة العربي

GMT 10:26 2013 الثلاثاء ,20 آب / أغسطس

دار إبداع تصدر الكتاب الساخر "يا صلاة العيد"

GMT 14:26 2013 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

10 أخطاء يجب تجنبها عند اختيار ديكورات المنزل

GMT 12:22 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق اختبارات مسابقة "جولدن سينجر" للمواهب

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 23:40 2017 الجمعة ,24 شباط / فبراير

إكسسوارات تمنحك الهدوء والراحة في غرفة النوم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates