ما العقل

ما العقل؟

ما العقل؟

 صوت الإمارات -

ما العقل

بقلم - علي ابو الريش

سؤال نطرحه على العقل. ما العقل؟ فيقول إنه الوعاء الذي يخزن كل الأفكار والأحداث، ويضعها ملكاً للإنسان. فقد يتسع الوعي أو لا يتسع، وقد يدرك أو لا يدرك. زحمة الأفكار ليست ملاذ الوعي، بل قد يكون لها النهاية المؤلمة التي تصيب الإنسان إذا لم تتبع الأفكار إرادة التنقية وتصفية العقل من الدخان ومن الغبار، ومن ملوثات الأفكار التي تلم بهذا العقل. كثيراً ما يقع المثقف بمحنة التثاقف، وتتورم لديه الأنا، ويصبح مثل البالون المنفوخ بالهواء، فيظل ينتفخ، وينتفخ، إلى أن ينفجر! زحمة الأفكار مثل تكاثف الدخان في غرفة محترقة، إنها خانقة، ولا تؤدي إلا إلى انتهاء الحياة فيها. إذا لم يقم الإنسان بتخليص العقل من الأفكار الملوثة، فإنه يتحول إلى مكب نفايات، لا تفوح منه إلا الروائح الكريهة. نحن نحتاج إلى الوعي المتسع، نحن نحتاج إلى ذلك النهر الذي تنهل منه أشجارنا، وتسبح فيه طيورنا. نحن نحتاج إلى ذلك الوعي الذي يميزنا عن سائر الكائنات، فلا يغضبنا نجاح الآخر، ولا تحبطنا كبوة المرحلة. نحن نحتاج إلى أجنحة الوعي التي ترتفع بنا عن الهنّات والزلات والإخفاقات. نحن نحتاج إلى موجة الوعي التي تنظفنا من نشارة الخشب، وعوادم السفن التي تمر ببحرنا. 
نحن نحتاج إلى نسيم الوعي الذي يهفهف على وجوهنا، وينقينا من ملوحة العرق. نحن نحتاج إلى وردة الوعي، كي تعطر وجداننا، وتنثرنا في الوجود، أشجاراً لها رائحة الأحلام الزاهية. نحن نحتاج إلى نخلة الوعي، كي تلقي علينا الرطب جنياً، ومن غير تهلكة. نحن نحتاج إلى ريشة الوعي كي تلون حياتنا بالبريق الأنيق. نحن نحتاج إلى سحابة الوعي، كي تبلل شفاهنا بالكلمة الطيبة. نحن نحتاج إلى نغمة الوعي، كي نرفع النشيد عالياً، ومن دون أحزان تاريخية، تعرقل وصولنا إلى الفرح. نحن نحتاج إلى شمس الوعي كي تضيء سماءنا بالشفافية. نحن نحتاج إلى هذا كله، عندما نكون خارج الأفكار المسبقة، عندما نكون بعيداً عن النوايا السيئة، عندما نكون بلا شك ولا ريبة ولا مرية. الوعي وليس الأفكار، هو الذي يجعلنا مقيمين في الحقيقة التي نبحث عنها. الوعي وحده يجعلنا في قلب الوجود، يجعلنا في ملحمة الارتقاء. الوعي وحده يجنِّبنا الصدام مع الحقيقة، الوعي وحده الذي يذهب بنا إلى الطمأنينة، بقلوب وادعة مثل الطير في الأعشاش، مثل الماء في الجدول.
الوعي هو الذي يغادر بنا بعيداً عن الأهواء والأنواء، الوعي وحده هو الكائن الذي لا تهزمه الإخفاقات، وهو في طريقه إلى المجد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما العقل ما العقل



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates