تسامح مع نفسك تتسامح مع الآخر «2»

تسامح مع نفسك تتسامح مع الآخر «2»

تسامح مع نفسك تتسامح مع الآخر «2»

 صوت الإمارات -

تسامح مع نفسك تتسامح مع الآخر «2»

بقلم - علي ابو الريش

لقد مزقنا أحلام التاريخ بالأوهام، واعتقدنا أننا نستطيع العيش منفردين، ومن دون ظلال، وبالتالي ذهبنا إلى الصحراء، ووقفنا تحت أشعة الشمس اللاهبة، فإذا بنا نصاب بالدوار، ويطيح بنا الغثيان، فنقع على الأرض التي فكرنا في لحظة من غفلة أن نغادرها، ونصعد إلى السماء، متحدين كل الصعاب، ولكن للأسف، أصابنا ما أصاب عباس بن فرناس، فتضعضعنا، وضعفنا، وتهاوينا، وهوينا في حضيض الكمد، والنكد، ولم نستطع الصعود، لأننا بلا أجنحة، ووهم بن فرناس وضعنا في الخدعة البصرية.

إذا كان الرجل لا يستطيع العيش بدون امرأة، وكذلك المرأة ليس بإمكانها الحياة من دون رجل، كما أن الرجل لا يمكنه الوصول إلى أعماق البحر، من دون مجداف يؤازره لتحقيق ما يرمي إليه من نوايا المجد.
كما أن المجتمعات تقف عاجزة عن تلبية مطالب تنميتها، ونهوضها، وتقدمها، وتطورها، من دون التواصل مع مجتمعات أخرى. هكذا هي الحياة، حلقة حلزونية مستمرة في الدوران، والصعود، وإذا ما اعترضتها عقبات الأنانية وعراقيل التقوقع، فقدت مصداقيتها، وخسرت ديمومتها، وأصبحت مثل الإناء الفارغ.

نحن في التسامح نشذب الشجرة العملاقة من الأشواك الوخازة، ونهذب مشاعر الوحش لنجعله قابلاً للترويض، ونرتب أثاثنا الداخلي، ليصبح مهيأ للعيش السليم.
التسامح هو السحابة التي تبلل ريق الأرض، وتجلل الأغصان بالاخضرار، وتكلل الطقس بالهواء النقي.
التسامح عصاً سحرية تزيح عن كاهل الإنسان غبار السنين، ودهان التاريخ، التسامح هو النهر الذي يمنح عيون الطريق بريق التألق، وهو الذي يمنح النشيد صفاء الشدو، ونقاء الأنغام.
التسامح ليس قراراً فورياً أو مرسوماً إدارياً، إنه تنشئة وتدريب، وتمرين على تقبل الأضداد، كما هي، وليس كما نريد، وتحمل عصف الريح أن هبت من الجهات الأربع، وإذا جاءك فاسق بنبأ، فتبين أولاً، ولا تملأ جعبتك بالغث، ثم أنظر، وتبصر، وتفكر، وتخيل أن الحياة ليست أحكاماً مطلقة، بقدر ماهي تضمين، وتخمين وبعدهما تمكين، وتسكين، ثم الولوج في فضاء الطمأنينة، والاستقرار هناك، كي لا تغشي العين غاشية الألوان البراقة، فتأخذها إلى مناحي الكدر، وضيق الصدر، وفقدان البصيرة.
التسامح هو الانتقال من الكهف، إلى الفناء الواسع. والتحول من العتمة إلى النور. ومن اللظى إلى الظل، ومن الجدب إلى الجدول.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تسامح مع نفسك تتسامح مع الآخر «2» تسامح مع نفسك تتسامح مع الآخر «2»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates