ليس بالسكين تبنى الحضارات

ليس بالسكين تبنى الحضارات

ليس بالسكين تبنى الحضارات

 صوت الإمارات -

ليس بالسكين تبنى الحضارات

علي أبو الريش

كان المشهد مروعاً، والموقف مخزياً، إذ نرى أحد أنياب داعش يشهر السكين ويشحذ جل قواه العدوانية لأجل قطع عنق الصحفي الأميركي، كان الرجل يجلس مصدوماً، وترتعد فرائصه وهو يشاهد الرجل المقنع، يقف بجواره كوحش مفترس، بلباسه الأسود الأشبه بقلبه.. وفي تصوري أن الصحفي الأميركي تواردت إلى ذهنه في تلك اللحظات العصيبة فكرة الموت قبل كل شيء، كما أدار حديثاً داخلياً حول المفهوم الذي ينطلق منه أمثال ذلك الوحش المكفهر، حول الإسلام وتعاليمه ومفاهيمه وقوانينه.. أما نحن الذين يخرج من بين ظهرانينا هؤلاء الأشباه، ويقصفون الإسلام بسلسلة من التصرفات الهمجية، نشعر بالأذى وتخطفنا أفكار جمة إلى عوالم بعيدة، قد لا يستوعبها الداعشيون، ولن يستوعبوها لأنهم غاصوا في عميق اللجج المدلهمة، وتشبعوا من قذى الأفكار السوداوية وأصبح الإنسان بالنسبة إليهم، لا يعدو أكثر من كائن صفيق لا يستحق الحياة طالما لم يمش في درب داعش ولم يتشرب من عقيدتها الجهنمية ولم يقتنع بأن الموت هو ديدن المتشبثين بدين داعش، وما حواه من قيم قميئة، دنيئة، سيئة رديئة.. بالسكين الحادة كان رجل داعش يعلن فرصة الانتهاء من إنسان جاء إلى المنطقة ليؤدي دوره العملي، ويدير مهنته الصحفية بشرف وقناعة، لكن الداعشي لا يرى في «الأميركي المسيحي» إلا الخروج عن طاعة أمير الجماعة وتحدي قوانينه وأقانيمه.. مثل هذا السلوك لابد أنه يرفع لوحة عريضة بعنوان بارز، أن الإسلام في خطر، وأن من يقدرون المرحلة بشعارات من قصاصات الورق المحترقة، إنما هم يضعون الدين في مأزق، ويضعون العالم الإسلامي في مفترق طرق، ويدفعون بالتي هي أسوأ، ويؤججون مشاعر الآخرين، ويرفعون من ضغط الدم العالمي، ليصبح الطوفان مقابل الطوفان والنتيجة، خسارة فادحة يتكبدها الإنسان في عالمنا الإسلامي، وكارثة تطيح بأوطان وما يجري في ليبيا وسوريا واليمن وتونس ليس إلا توابع لزلزال، ومن يدري ماذا بعد؟ ماذا بعد هذا التهتك وهذا التفكك، وهذا البركان الذي أحرق وأغرق، وسرق ومزق، وبكل نزق وصلافة يتمادى الداعشيون وباسم الإسلام، في غيّهم وغوغائهم، في بغيهم وبغائهم، يهددون ويتوعدون ويرعدون ويزبدون، ويرغون ويثغون، ويعبثون بأرواح الناس ومشاعرهم، ومكتسباتهم، وهذا الأمر الجلل لم يجد في المقابل، الفعل الرادع الحقيقي لأن كل ما نسمعه مجرد تصريحات من دول كبرى، لا تستطيع أن تفعل إلا ردة الفعل وهذا لا يقطع دابر المعضلة بأي حال من الأحوال، فالمعضلة الكبرى أننا نواجه ثقافة هدم وإعدام للقيم، وقطع عنق الحقيقة، وهذا يحتاج إلى تصالح مع النفس بين الدول المؤثرة، والتخلي عن مبدأ «إذا سلمت أنا وناقتي ما عليّ من رباعتي»، فالنار إن تفشت لن تميز بين كبير أو صغير، أو غني وفقير، فالجميع سواسية أمام قانون العدوان، ولابد من حس إنساني يواجه اللا إنساني ليعم العالم السلام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس بالسكين تبنى الحضارات ليس بالسكين تبنى الحضارات



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates