كيف فاز ترمب ولماذا ستكون رئاسته الثانية مختلفة

كيف فاز ترمب... ولماذا ستكون رئاسته الثانية مختلفة؟

كيف فاز ترمب... ولماذا ستكون رئاسته الثانية مختلفة؟

 صوت الإمارات -

كيف فاز ترمب ولماذا ستكون رئاسته الثانية مختلفة

بقلم : عثمان ميرغني

بشكل عام، يمكن القول إن الانتخابات يحسمها الاقتصاد لا السياسة الخارجية، على الأقل في معظم الأحيان. وهذا بالضبط ما حدث في الانتخابات الأميركية وقلَب الموازين لمصلحة دونالد ترمب، وهذه ليست أول مرة يكون فيها الاقتصاد عاملاً رئيسياً في الهزيمة والفوز.

أما السؤال الرئيسي الذي يدور في أذهان الناس فهو بالطبع: ماذا ستعني رئاسة ترمب الثانية لأميركا وللعالم؟

قبل الدخول في التوقعات بشأن رئاسته، التي أرى أنها ستكون مختلفة، يمكن تلخيص العوامل التي حققت له هذا الفوز المذهل، الذي جعله يعود من ركام رئاسته الأولى ليصبح ثاني رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يفلح في الفوز بالرئاسة لفترتين غير متتاليتين، في 4 عناوين هي: بايدن، والاقتصاد، والهجرة، وكمالا هاريس، لكن أهمها دون جدال هو «العامل الاقتصادي».

المفارقة أن أداء الاقتصاد الأميركي من حيث معدلات النمو والتوظيف لم يكن سيئاً، لكن «التضخم وإحباط الناس من الغلاء» كان العامل الحاسم في النتيجة. ترمب بحسّه الشعبوي لعب أوراقه جيداً، فركز على هاجسَيْ التضخم والهجرة، واعداً الناخبين بأنه سيهزم التضخم، وسيواجه مشكلة الهجرة غير الشرعية بحزم، وسينفذ أكبر عملية لترحيل المهاجرين.

هذه الوعود وجدت صداها بين الناخبين الغاضبين على إدارة بايدن، لكن مسؤولية الرئيس المغادر عن فشل الديمقراطيين انتخابياً لا تتوقف عند هذا الحد... فتشبثه بالرئاسة وتأخره في سحب ترشحه، وسط التقارير المتكررة بشأن عجزه عن الاستمرار في الحكم، وهفواته المتكررة، وتلك اللحظات الحاسمة التي تجمد فيها وبدا تائهاً ومنفصلاً عمّا يدور حوله... كل ذلك كان له دور كبير في خسارة حزبه. لقد أخلّ بايدن بوعده أن يكون رئيساً لفترة واحدة، فدفع الديمقراطيون الثمن. لو أنه التزم بوعده، لكان المجال مفتوحاً في وقت مبكر أمام المتنافسين الديمقراطيين، ولربما أتاح لهم ذلك الفرصة لاختيار مرشح أفضل. كمالا هاريس كانت فاقدة الشعبية، ومجردة من ميزة الشخصية الاستقطابية. أضف إلى ذلك أن الناخب كان يراها جزءاً من فشل الإدارة في مجال الاقتصاد. هناك بالطبع من يرى أنها خسرت لأن أميركا ليست مستعدة بعدُ لانتخاب امرأة للرئاسة، لكن الحقيقة أن «النوع» أو «اللون» لم يكونا العاملين الحاسمين، على الرغم من أنه قد يكون هناك قطاع من الناخبين حرّكته مشاعر التحيز هذه.

ترمب بعد فوزه أمامه طريقان: إما يختار أن يكون انتقامياً ويكرس وقته لتصفية الحسابات مع خصومه ويبقى مثيراً للجدل والانقسامات، وإما يكون رئيساً مختلفاً عن نسخته السابقة ويفاجئ الناس. تقديري أنه سيعمل جاهداً لتغيير صورته، ومحاولة ترك إرث يمحو به شيئاً مما علق به من فضائح وأزمات وقضايا، وهو يملك الفرصة لذلك بعد فوزه الكبير، واستعادة الجمهوريين السيطرة على مجلس الشيوخ، واحتمال سيطرتهم على مجلس النواب أيضاً (إذا صدقت التوقعات التي كانت متوفرة لحظة كتابة هذا المقال)، مع وجود أغلبية محافظة أيضاً في المحكمة العليا.

خارجياً، قال ترمب إنه لن يكون مشعل حروب؛ بل سيعمل على إنهائها، وهو ما سيُسعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويقلق أوكرانيا التي خسرت حليفاً قوياً في بايدن، وتعلم أن الرئيس الجديد ونائبه لديهما رؤية وخطة مختلفتان لإيجاد تسوية للحرب هناك.

أوروبا أيضاً تشعر بالقلق؛ بسبب نظرة ترمب السلبية إلى «الاتحاد الأوروبي»، وموقفه السابق من «حلف شمال الأطلسي (الناتو)»، وكلامه عن أن أميركا لن تكون البقرة الحلوب، وأن الذي يريد حمايتها فيجب أن يدفع نصيبه. أبعد من ذلك، يتخوف كثير من الدول الأوروبية من أن فوزه قد يغذي اليمين المتطرف والشعبويين ويعزز فرص مزيد من أحزابهم في الصعود إلى السلطة.

في معسكر القلقين أيضاً الصين، التي تتخوف من تصعيد الحرب الاقتصادية الأميركية عليها مع ازدياد حدة التنافس على موقع الصدارة اقتصادياً، وارتفاع وتيرة السباق العسكري.

إيران كذلك ضمن من يشعرون بالقلق بالنظر إلى سياسات ترمب السابقة تجاهها، وموقفه المتشدد بشأن ملفها النووي، إضافة إلى التزامه القوي بأمن إسرائيل وعلاقته القوية برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.عربياً، سيحافظ الرئيس العائد على علاقاته التي كوّنها سابقاً، وسيدفع بشدة مشروع «الصفقة الكبرى» التي لطالما تحدث عنها. ليس واضحاً ما إذا كانت تحركاته ستحقق سلاماً عادلاً يرضي الفلسطينيين، أم سيمضي في سياسات قد تعطل مشروعه، مثل نقله مقر السفارة الأميركية إلى القدس واعترافه بها عاصمة لإسرائيل التي اعترف لها أيضاً بضم الجولان. أضف إلى ذلك حديثه الخطر خلال الانتخابات عن أن إسرائيل تبدو صغيرة جداً على الخريطة وتحتاج إلى أن تكون أكبر. في كل الأحوال، يبقى المرجح أن يعمل على وقف الحرب في غزة ولبنان؛ لأنه يدرك أنه من دون ذلك، فلن يستطيع أن يخطو أي خطوة في «صفقته الكبرى».

أخيراً بالنسبة إلى حرب السودان، فإنها قد لا تكون في أولويات ترمب، لكنها لن تبقى بعيدة أيضاً عن تفكيره ومشروعه المذكور، مع الأخذ في الحسبان أن الكثير سيعتمد على التطورات من هنا وحتى تاريخ دخوله البيت الأبيض.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف فاز ترمب ولماذا ستكون رئاسته الثانية مختلفة كيف فاز ترمب ولماذا ستكون رئاسته الثانية مختلفة



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد

GMT 04:52 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

"هيئة الكتاب" تحدد خطوط السرفيس المتجهة للمعرض

GMT 04:47 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

شادي يفوز بكأس بطولة الاتحاد لقفز الحواجز

GMT 18:39 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الأماكن حول العالم للاستمتاع بشهر العسل

GMT 17:16 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وعد البحري تؤكّد استعدادها لطرح 5 أغاني خليجية قريبًا

GMT 05:14 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيرباص A321neo تتأهب لتشغيل رحلات بعيدة المدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates