بقلم - زاهي حواس
يمتد عمر البلدة القديمة في المجمعة إلى ستة قرون مضت في عمق التاريخ. وعلى الرغم من خروج سكان المجمعة من بلدتهم القديمة، فإنهم حافظوا عليها حتى تحولت من مبانٍ طينية مهملة إلى قرية تراثية، يتعرّف الزائر من خلالها إلى مَشاهِد من الحياة التقليدية في نجد القديمة؛ فضلاً عن فرصة زيارة المعالم التاريخية. ومن أهم تلك المعالم السور المحيط، حيث كانت المجمعة محاطة بسور ضخم، وكانت بوابات السور تفتح من بعد الفجر، وتغلق عند غروب الشمس، مثلها في ذلك مثل كل بوابات المدن القديمة، وذلك للحماية والأمن. وكان سور المجمعة يحتوي على 9 بوابات. وما زالت بعض آثار هذا السور باقية إلى اليوم.
وتضم المجمعة العديد من المساجد التي كانت بمثابة منارات للعلوم والثقافة؛ حيث كانت تمتلئ بالكتاتيب ويرتادها طلبة العلم؛ مما جعلها أحد أهم المراكز الثقافية في نجد. وقد أمّ الملك سعود - رحمه الله - المصلين في صلاة الجمعة في جامع المجمعة القديم. وقد أمر الملك عبد العزيز - رحمه الله - ببناء وقف، وهذا بموجب خطاب وجهه لأهالي المجمعة وخصص ريعه لحفظة القرآن الكريم والمدارس والمدرسين والأئمة والمؤذنين، ويتكون من الجامع والمدرسة وحويط النخل، بالإضافة إلى 16 دكاناً تلتف حول رواق تطل من خلاله على ساحة مكشوفة تسمى قديماً بالمجلس.
وتتميز المجمعة عن بقية البلدات المحيطة بها بكثرة القصور القديمة، وحظيت العديد منها بأعمال الترميم، ومن بين أهم هذه القصور «قصر العسكر التاريخي» ينسب إلى أمير المجمعة إبراهيم بن سليمان العسكر وذريته، وكان مقراً لإمارة المجمعة، ويصل تاريخه إلى قرابة 200 عام، ويحمل السمات النجدية في عمارته. وقد زار القصر الملك عبد العزيز والملك سعود، وعدد من الأمراء، ويوجد بيت الربيعة الذي ينسب إلى الشيخ محمد بن عبد الرحمن الربيعة. بُني عام 1368هـ، ويعد من أكبر البيوت القديمة في المجمعة المتميزة بطرازها العمراني النجدي السائد في منطقة نجد، ومبانيها بسيطة من اللبن المكون من الطين المقوى بالتبن، وكذلك السوق «سوق المجمعة القديم» وأحد المراكز التجارية في نجد، وتتكون من نحو 100 دكان مع ساحة خاصة لبيع المواشي. وفي السوق كانت تباع البضائع القادمة من الرياض والمدن المجاورة، مما جعلها من أكثر أسواق نجد تنوعاً. وكان التعليم في المجمعة يعتمد على الكتاتيب في المساجد والجوامع لتعلم القرآن وحفظه وتعلم القراءة والكتابة. ومن أبرز المدارس في تلك الحقبة مدرسة الشيخ أحمد بن صالح الصانع، حيث إنه أول من درس بها، تبلغ مساحتها 230 متراً، وتتكون من دور واحد يضم أروقة، وساحات مكشوفة، وكانت منارة علمية خدمت أبناء المجمعة والقرى المجاورة لها.