عن دوار الحرب وتركيبة المصريين

عن دوار الحرب وتركيبة المصريين

عن دوار الحرب وتركيبة المصريين

 صوت الإمارات -

عن دوار الحرب وتركيبة المصريين

بقلم - أمينة خيري

متابعة عناوين الأخبار الواردة من غزة وعنها وحدها كفيلة بالإصابة بالدوار: «أمريكا تبحث فى إمكانية وقف مؤقت لإطلاق النار فى غزة»، «مسئول فى حماس يرفض أى وقف مؤقت لإطلاق النار»، «إسرائيل ترفض عرض حماس لوقف إطلاق النار»، «مشروع قرار فى مجلس الأمن لوقف إطلاق النار فى غزة»، «توقعات برفض أى قرار عن وقف إطلاق النار»، «ماذا نعرف عن المقترح الجديد لوقف إطلاق النار؟»، «حماس: سنقاتل من أجل وقف إطلاق النار»، «حماس: وقف إطلاق النار يتم بشروطنا»، «إسرائيل: وقف إطلاق النار بهذه الشروط وهم».

المتابع يصاب بالدوار، فما بالك بأهل غزة الذين طالبتهم إسرائيل بالنزوح جنوباً ليبقوا بعيداً عن مرمى إطلاق النار، فإذ بإطلاق النار يصل الجنوب حيث يكتظ ما يزيد على مليون رجل وامرأة وطفل فى مدينة رفح الفلسطينية المتاخمة للحدود المصرية.وبينما تُكتَب هذه الكلمات، تهز انفجارات مدينة رفح الفلسطينية، وقبل ساعات عبّر وزير الخارجية أنتونى بلينكن عن مخاوفه فى شان «التوسع المحتمل» للعمليات الإسرائيلية فى رفح الفلسطينية.

بعدها بسويعات، كانت إسرائيل تضرب رفح، وكانت الأمم المتحدة تعبر عن قلقها من ضربات «محتملة» على رفح الفلسطينية، وكان القائد الأعلى الإسرائيلى المسئول عن العملية العسكرية الإسرائيلية فى جنوب غزة دان جولدفوس يصرح نهاراً جهاراً بأنه لا توجد «بعد» خطة لتقليل أعداد القتلى المتوقعين فى رفح!

وعلى هامش هذه الفوضى العارمة فى الإقليم (دعونا لا ننسى الجبهات المفتوحة مع حرب القطاع حيث حزب الله وإيران وسوريا واليمن) التى لم تتسبب فيها حرب غزة، بل فاقمتها بين دول تعانى الأمرين من الصراعات الحالية فى السودان واليمن، وأخرى ما زالت تحاول التعافى من سنوات الحرب مثل سوريا، والتدخلات الدولية مثل العراق، وأخرى تجد نفسها ملعباً خلفياً لصراعات القوى الكبرى والمتوسطة والصغرى والقوس مفتوح، لا يسع المرء سوى التفكير فى هامش الإنسانية والقيم الأخلاقية.

بالإضافة بالطبع للخسائر البشرية الفادحة، فإن ما لحق ويلحق بمنظومة القيم والقواعد الأخلاقية والإنسانية، وإيمان الناس بها أكثر فداحة. بأى «وش» سيربِّى الأهل والمعلمون والتربويون الصغار والمراهقين على أن الحق والعدل والخير والجمال أساسيات وبديهيات إنسانية لا جدال فيها؟!

البعض يعتبر مثل هذه الأفكار نظريات لا تسمن ولا تغنى من جوع. لكن هذه النظريات هى ما تسمن فى التربية وتغنى من جوع ضعف النفس البشرية.

على أي حال، نتابع ما يجرى حولنا ونحن فى القلب منه، وفى هذا القلب شعب مصر الذى يعايش ويكابد فى الأعوام الـ13 الماضية ما لم يكابده على مدار عشرات السنين. حتى أوقات الحروب الصعبة، أو الأزمات الاقتصادية الطاحنة، أو التقلبات الدولية الشديدة المنعكسة علينا سلباً، لم يحدث أن تحالفت عوامل دولية وإقليمية ومحلية فى وقت واحد لتختبر قدرته على الصمود.

السطور التالية ليست سياسية، كما لا تدعو أو تلمح من قريب أو بعيد بأن على المواطن المصرى أن ينظر إلى ما يجرى حوله ويسعد ويهنأ بما لديه، ولو كان فتاتاً.

هى سطور ترصد طبيعة وتركيبة أقل ما يمكن أن يقال عنهما إنهما متفردتان.

أخبر العامل البسيط زميله، بينما يسحب 50 جنيهاً من ماكينة الصراف الآلى أنه «يسحب اليوم بيومه» فى محاولة لضبط الميزانية، «والحمد لله على كل شىء».

عاملة النظافة التى تعمل باليومية وتمضى ثلاث ساعات من أربع ساعات العمل فى التذمر من سعر الشاى والباذنجان والسكر، تخبرك وهى تستعد للعودة إلى البيت إنها ستجهز للعائلة طبقاً معتبراً من بواقى طعام أمس وأمس الأول بعد إضافة تقلية وشطة لتمويه المكونات مذيلة وصفتها بـ«الحمد لله نعمة».

ولا يسعنى سوى تذكر الدكتور حسين الجزائرى وقت أن كان مدير المكتب الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط فى القاهرة حين قال فى إحدى الفعاليات إن تحية «إزاى أو كيف الصحة؟» المعروفة عربياً لا تسفر إلا عن إجابة واحدة هى «الحمد لله» حتى لو كان المجيب مصاباً بأمراض الدنيا والآخرة.

أكرر، هذه ليست دعوة لمزيد من التحميل أو الاكتفاء بالرضا بالحال أو المقارنة مع آخرين أقل حظاً أو أمناً أو حماية.

هذه تحية واجبة للمصريين.

هذا التفرد فى التركيبة المصرية لا يمكن الاعتماد عليه وحده من أجل البقاء.

وأحسن ما فى حزمة الحماية الاجتماعية غير المسبوقة التى أعلن عنها الرئيس السيسى قبل ساعات هو تضمنها مكونات تضمن نوعاً من الحماية المستدامة.

كل المطلوب الآن المزيد من الحماية المستدامة عبر سياسات اقتصادية يتم تدشينها «على مياه بيضاء»، واستدامة الدور الرقابى الصارم الحاسم العادل المستمر للسوق والقائمين عليه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن دوار الحرب وتركيبة المصريين عن دوار الحرب وتركيبة المصريين



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates