القيم أم القانون

القيم أم القانون؟

القيم أم القانون؟

 صوت الإمارات -

القيم أم القانون

بقلم : محمد الرميحي

أيهما أكثر ردعاً للإنسان، القيم التي يحملها من ثقافته ومجتمعه، أم القانون الذي سنّه الآخرون له؟ تلك إشكالية تعب في تتبعها الكُتاب والفلاسفة، إلا أن هناك جسراً يربط بينهما، وحتى لا نبقى في إطار التنظير، فإن الأمثلة التي سآتي بها هنا هي من الفضاء الكويتي الممارس في السابق واللاحق، إلا أنني أجزم أن معظم مجتمعاتنا العربية، إن لم تكن كلها، تعاني اليوم الإشكالية التي بين أيدينا.

 

لنبدأ القصة من البداية، تأخر المعلم نصف ساعة من بدء الدراسة، ولما حضر سأله الناظر عن سبب التأخير: قال المدرس، توفي والدي فجر اليوم، وذهبنا للمقبرة لدفنه! روى تلك القصة فيصل العظمة في كتابه بلاد اللؤلؤ، وهو مدرس سوري كان يعمل في الكويت في سنة 1942، أي قبل أكثر قليلاً من ثمانين عاماً، والكتاب أصبح نادراً اليوم، إلا عند بعض المهتمين بجمع الكتب القديمة، إلا أن العظمة بعدما روى في كتابه تلك القصة التي كان شاهداً عليها، أكمل بالقول: إنه تبين له أن تلك الممارسة من أخلاق الكويتيين في العمل! أما اليوم فيقوم وزير التربية، ونتيجة كثرة تغيب بعض المدرسين عن أعمالهم، بفرض (البصمة)، إلا أن ذلك الإجراء أحدث ضجة في الجسم السياسي في المجلس المنتخب، بعضهم ينادي برفع ذلك الإجراء، ورفع شهية الاحتجاج لدى (ممثلي الأمة) ضد الوزير تلمساً للشعوبية، وقليل منهم يؤيده إلا أنهم أقلية شجاعة، أي أن القيام بالواجب، وهنا هو التدريس، أصبح محط قول ورد.

في الحالة الأولى، كانت القيم العامة تحث عليه، وفي الثانية انقلبت القيم، وتم الأخذ بالقانون إن تحققت أسباب تطبيقه.

على مقلب آخر، نجد أن الغلظة في القول سمة نسبة كبيرة من ممثلي الأمة، وفهم هؤلاء من جهة أخرى أن (الديمقراطية) هي القول الخشن ضد الآخر (الوزير). ولم تمضِ أسابيع على تشكيل الوزارة الجديدة في الكويت، حتى سمعنا خشونة القول إلى حد التطاول وأبشع الأقوال، في خلط جاهل بين الدفاع عن حقوق الناس، والتهجم بأبشع الألفاظ على الآخرين، في خلط معيب بين الفعل والشخص.

لم تكن تلك الظاهرة موجودة أو حتى مستحبة للرجال الأوائل الذين مارسوا العمل السياسي في الكويت، مهما كان اختلافهم مع المنفذين في السلطة، كان الحديث دائماً في حدود الاحترام.

ليس ذلك الشكل من التعبير موجوداً أو حتى مقبولاً في الممارسة الديمقراطية في بلاد كثيرة، أتابع النقاش في فترة (الأسئلة لرئيس الوزراء البريطاني) بعد ظهر كل يوم أربعاء، في حال عمل مجلس العموم، وأجد أن هناك اختلافات كثيرة في السياسات، بين الحكومة والمعارضة، بل حتى بين أفراد الحزب الواحد، ولكن النقاش يتم بالكثير من الاحترام للشخوص ودائماً ما يشار إلى الآخر (العضو المحترم..) بل حتى في بلد مثل السنغال حصل خلاف مع رئيس الجمهورية في توقيت الانتخابات، فشهد العالم النقاش في البرلمان، صحيح كان غاضباً، ولكنه لم تستخدم فيه ألفاظ نابية!

من جديد، إنها القيم التي يعتمدها المجتمع، ربما القانون يكون رادعاً، ولكن القانون يتطلب إجراءات قد تكون طويلة، أما القيم التي يحملها الفرد، فإنه يتربى عليها ويقبلها المجتمع ويتوافق عليها، والسكوت عن الشاذ منها معيب، يجب ألا يُتمنع عن نقده، وما يتستر به بعضهم من (حصانة) هو ذريعة يجب ألا يؤخذ بها، لقد بلغ التنابز في العمل السياسي في الكويت حداً معيباً وطارداً لأي فكر عقلاني صحيح، وأصبح الصياح والتخوين، وربما حتى التكفير، الذي لم ينجُ منه أحد، سمة للشعوبية التي يجري وراءها بعضهم لجهله، ويكفي أن نرى أن (تغريدة واحدة) مكررة بالحرف وحتى الفواصل من عدد من أعضاء مجلس الأمة وكان بعضهم قاصراً عن التعبير عن نفسه.

ليس ذلك ما يرغب في أن يراه المجتمع الكويتي المتحضر، والذي جعل مدرساً بسيطاً قبل ثمانين عاماً ونيف يدفن والده ويتأخر نصف ساعة عن دوامه ويعتذر. وقديماً قيل (تكلم حتى أراك)!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القيم أم القانون القيم أم القانون



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 19:42 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
 صوت الإمارات - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 02:54 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 03:01 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 صوت الإمارات - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 14:49 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

محلات "pinkie girl" تطرح فساتين مخملية في شتاء 2018

GMT 06:04 2015 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

التنورة المطبّعة تمنح المرأة العاملة الأناقة والتميّز

GMT 12:39 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيندي" تكشف عن ساعة "سيليريا" الجديدة للمرأة المثالية الأنيقة

GMT 20:36 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

مراحل التطور الجسمانى عند الطفل

GMT 09:26 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

منزل إيلي صعب الجبلي في لبنان فخم وضخم

GMT 12:43 2014 السبت ,11 تشرين الأول / أكتوبر

غرفة الشارقة تشارك في معرض جيتكس 2014

GMT 22:09 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

مؤشر عقار أبوظبي يربح 23% منذ بداية 2013

GMT 07:41 2013 الجمعة ,11 كانون الثاني / يناير

بدء المرحلة الثانية من مساكن "وادي كركر"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates