ثلث نساء العالم ضحايا عنف

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

 صوت الإمارات -

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

بقلم:د. آمال موسى

 

تنطلق، الاثنين المقبل، الحملة الدولية لـ16 يوماً من النشاط ضد العنف الموجه للنساء والفتيات. وهي مناسبة دولية وحملة من الأنشطة تُختتم بإحياء اليوم العالمي لحقوق الإنسان من أجل التعبير عن رفض هذه الظاهرة، التي ما فتئت تعرف ارتفاعاً بخاصة مع الحجر الصحي الذي فرضته جائحة «كوفيد - 19»، إذ تضاعف عدد الضحايا مرات ومرات. وهنا يمكن استنتاج مدى العلاقة بين الأزمات وارتفاع معدل العنف وكيف تصبح النساء والفتيات أكثر استهدافاً، مما يعزز فكرة هشاشتهن.

بل إن التحليل القائم على مقاربة بيئية مفادها أن العنف ضد المرأة يتفاقم ومهدَّد بمزيد من التفاقم مع استفحال التأثيرات السلبية لتغيرات المناخ إنما هو تفسير يزداد وجاهةً، أي إن تغير المناخ وتداعيات ذلك يسهمان في تفاقم ظاهرة العنف ضد النساء.

طبعاً الحديث عن هذه الظاهرة لا يستند إلى رؤية آيديولوجية نسوية كما يحلو للكثير تسويق ذلك، وإنما نحن أمام ظاهرة تُقاس كمياً وتُقرأ بالأرقام والنسب والإحصاءات. وفي السنوات الأخيرة بدأت تنتشر مراصد للعنف ضد المرأة في بلدان عدّة ومراكز لإيواء النساء المعنَّفات، إضافةً إلى أنه لا تكاد تخلو دولة اليوم من خط ساخن مخصص لاستقبال النساء المعنَّفات وتعهُّدهن.

تشير التقديرات الأممية إلى أن 736 مليون امرأة على مستوى العالم -أي واحدة من كل ثلاث نساء تقريباً- وقعن ضحايا للعنف الجسدي و/أو الجنسي مرة واحدة على الأقل في حياتهن. بل إن الرصد العالمي يذهب بعيداً في تفكيك هذا الرقم الصادم ويتناول أعلى درجات العنف وأقساها وأبشعها وهو القتل الذي أصبح الملمح الأكثر سطوة في بنية العنف الموجَّه إلى النساء والفتيات اليوم. من ذلك ما تؤكده الإحصاءات الأممية:

- تُقتل 5 نساء أو فتيات في كل ساعة على يد أحد أفراد أسرهن.

- تتعرض واحدة من كل ثلاث نساء للعنف الجنسي أو الجسدي مرة واحدة على الأقل في حياتها.

واللافت للانتباه أنه رغم تفاقم الظاهرة ووعي الدول بها وحجم الجهد الذي أصبح محمولاً على عاتق وزارات الداخلية، ورغم صدمات الرأي العام من حوادث ممعنة في البشاعة عنفاً وقتلاً (الحرق، والذبح...)، فإن الميزانيات المخصصة من طرف الحكومات لحماية النساء ضحايا العنف هزيلة جداً ولا تكاد تفي بالحاجة، وما زال هذا الملف ثانوياً ويعالَج بالحد الأدنى من الوعي واليقظة والإمكانات. وهكذا نفهم لماذا تعيش 86 في المائة من النساء والفتيات في بلدان لا توجد بها أنظمة حماية قانونية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.

حتى المساعدات الأممية للمجتمع المدني الناشط في مجال مناهضة العنف ضد المرأة، هزيلة أكثر وأكثر لأنها تركز على الدعم الفني والدراسات التي تخوِّل للمنظمات الأممية قياس الظاهرة والتمكن من المعلومات الكمية. لذلك فإن هذه المنظمات الأممية تساعد الدول على بناء منصات رصد الإشعارات، وتدير ظهرها لدعم المراكز بالأجهزة ومرافق النقل ومعاشات الإطارات التي ستتعهد بالنساء ضحايا العنف.

لذلك فإن الحكومات الوطنية مرهَقة، وترى في الاستثمار في حماية النساء مسألة ليست ذات أولوية، وأن كل الأولوية إدارة الشأن اليومي للمواطنين ومجابهة الضغوط الاقتصادية، وأيضاً المنظمات الدولية معنية بالحصول على بيانات تصنِّف بها الدول وتفاوضها في ملفات أخرى مختلفة تماماً بتلك الأرقام التي استثمرت للحصول عليها بمبالغ زهيدة مخجلة.

لنأتِ الآن إلى أهم نقطة، حسب اعتقادنا، وهي من نتاج الخبرة التي جنيتها من تحملي مسؤولية وزيرة الأسرة والمرأة في بلادي تونس، وتتمثل هذه النقطة في أنه لا شيء يضاهي الاستثمار في الوقاية من العنف لأن تكلفته باهظة جداً، ويصعب على أي دولة تقديم المعالجة الحمائية المثالية للنساء ضحايا العنف. والوقاية تكون بالتنشئة الثقافية داخل الأسرة بالمساواة بين الذكور والإناث وإيلاء الأنسنة والحوار والتقدير كل الانتباه في عملية تربية الأطفال. وبالتوازي مع ذلك لا مفرَّ من تحسين ظروف الناس والمَقدرة الشرائية، وخفض معدلات البطالة، وتشغيل النساء ومقاومة نسب البطالة العالية في صفوف النساء.

نركز على معالجة الفقر والبطالة لأن مشكل العنف ضد المرأة هو مادي في المقام الأول. وليس صدفة أن تكون ثلاثة أرباع النساء المعنَّفات عاطلات عن العمل أو يشتغلن مهناً هامشية وبصفة غير مقرَّة، وليس صدفة أيضاً أن يكون الرجال المعنِّفون عمالاً مياومين أو أصحاب رواتب ضعيفة. فالحاجة بالطبع تولِّد العنف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلث نساء العالم ضحايا عنف ثلث نساء العالم ضحايا عنف



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد

GMT 04:52 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

"هيئة الكتاب" تحدد خطوط السرفيس المتجهة للمعرض

GMT 04:47 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

شادي يفوز بكأس بطولة الاتحاد لقفز الحواجز

GMT 18:39 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الأماكن حول العالم للاستمتاع بشهر العسل

GMT 17:16 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وعد البحري تؤكّد استعدادها لطرح 5 أغاني خليجية قريبًا

GMT 05:14 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيرباص A321neo تتأهب لتشغيل رحلات بعيدة المدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates