أزمة انبهار
آخر تحديث 19:27:16 بتوقيت أبوظبي
الأربعاء 16 نيسان / أبريل 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

أزمة انبهار

أزمة انبهار

 صوت الإمارات -

أزمة انبهار

بقلم : د. آمال موسى

يحتاج أي جيل إلى شيء من الانبهار حتى لو كان اقتباساً ليرنو به عالياً ويُشعل جمرة الحلم والطموح والأمل. فالانبهار محرك لبذل الجهد والتحمل والجهاد من أجل غد وعده بالسعادة أكثر صدقاً. ومن يتصفح التاريخ البعيد والقريب، سيرى أن الانبهار محرك النخب والأجيال، وهو الواقف وراء الإنجازات التاريخية. ذلك أن الإنجاز مرتبط بالانبهار. فمن انبهروا بآيديولوجيات معينة تمكنوا من تحقيق الجزء المضيء منها وعاشوا الارتباط الفكري ورحلته الشاقة.

إن الانبهار المقصود هو ذلك الذي يروق لنا ويصلح ليكون قضية نؤثث بها العمر ونجني المعنى أو نمنحه حياتنا من أجل تحقيق ذلك المعنى.

صحيح أن آيديولوجيات كثيرة تهاوت. بل إن الآيديولوجيا نفسها أُعلن خبر نعيها ولم يتبقَّ من الآيديولوجيات غير سلبياتها، بعد أن تعرَّت تماماً، وتلاشى ما كانت تحمله من انبهار شدَّ إليها أجيالاً وأجيالاً. أجيال آمنت بالاشتراكية، وأخرى ليبرالية، وأخرى اختارت الفكرة القومية، وزاوجت بينها وبين التوجه نحو المعسكر الاشتراكي زمن الحرب الباردة.

إنه انبهار من نوع خاص؛ الانبهار بفكر. الانبهار بقضية. الانبهار بقيم. الانبهار بدولة. الانبهار بشخصية فكرية أو سياسية...

ما هو ثابت أنه كان دائماً يوجد ما هو جدير بالانبهار.

لِنَقُل إنه حتى التسعينات من القرن الماضي كان يمكن الانبهار. وما بعد تاريخ حرب الخليج الأولى وإلى حد الساعة، فإن حالة الانبهار تتدحرج من أزمة إلى أخرى أكبر وصولاً إلى ما يشبه العدم.

بعد سقوط الآيديولوجيات التي نجحت في أوج ظهورها وقوتها في إنتاج نخب ذات نضالية عالية، ونشطت الحياة الفكرية والنقدية، وخلقت نوعاً من الصراع الآيديولوجي البناء، فإن الأجيال التالية حوَّلت وجهة الانبهار إلى مدارات خارج الآيديولوجيا التي بلغت منتهاها: أصبحنا أكثر انبهاراً بحقوق الإنسان وبالديمقراطية وبالحلم الأميركي والمدنية الأوروبية.

المشكلة اليوم أن مضامين الانبهار الجديدة في أزمة. كلها تلاشت دفعةً واحدةً، وفي اللحظات التاريخية ذاتها. كمٌّ هائل من الأحداث أطفأ المضامين الجديدة للانبهار، وأظهر حجم الزيف العالق بها.

المشكلة الكبرى أن هذا الانطفاء قتل فكرة الانبهار والرّهان على فكر وفكرة. والنتيجة اليوم واقعية تلبس قناع اليأس.

لو نفكك بشكل جيد انطفاء المضامين الجديدة الكبرى للانبهار: بالنسبة إلى حقوق الإنسان التي ناضلت من أجلها أجيال وأجيال، سواء منها الحقوق الأساسية أو الحقوق الفردية، فإنها على أرض الواقع خضعت للعبة المكيالين، وليست حقوقاً لكل الناس. فحقوق شعب هي مرآة لموقع دولته في الخريطة الدولية، وكلما كانت دولته قوية كانت حقوقه مضمونة، خلافاً لشعب دولته لا حول لها ولا قوة في نادي الدول الكبرى. ومن ثم، فإن روح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يُعتدى عليها مرات ومرات، ويكفي استحضار مثال أهل غزة وصور الأطفال القتلى والنساء، والآخرين المفجوعين الخائفين، حتى ندرك أن العالم الذي لا يحمي أطفاله هو أبعد ما يكون عن حقوق الإنسان، فضلاً عن كونه عالماً يفتقر إلى الشهامة. والذي يزيد في انطفاء الانبهار بفكر حقوق الإنسان هو أن المؤسسات التي من المفروض أنها الضامنة له فشلت في ذلك، بما يعني أن المشكلة هيكلية، علاوة على أن مسألة حقوق الإنسان خاضعة لموازين القوى، وليست مبدئية كما كان يظن المنبهرون بها.

أما الديمقراطية، تلك الكلمة السحرية التي كنا نعتقد أن إرساءها يعني التخلص من كل ما ينغص الحريات والتعايش والانتقال إلى مدار المواطنة من خلال آلية دوران النخب، فقد اتضح أن الوصول إلى الحكم مرهون في أعتى الديمقراطيات بالقوى المساندة لمن يخدم مصالحها في الحكم. ولنا في البيت الأبيض مثالاً يمكن الاحتكام إليه. وأن تكون الديمقراطية في بلد الحلم الأميركي بهذه المشروطية، وفي غيرها أيضاً، فإن ذلك ينتهي بنا إلى تراجع الانبهار بفكرة الديمقراطية؛ حيث ليس فيها دائماً الحكم للشعب بقدر ما هي دائماً للفئة الأقوى والأكثر دعماً في الشعب.

لنأتِ إلى أوروبا المدنية المنفتحة القائمة على أسس الجمهوريات، إنها اليوم تقريباً في قبضة اليمين الرافض للمهاجرين، ومنذ سنوات أصبحت التأشيرة إلى أوروبا كشيء أقوى من الحلم العسير المنال. أوروبا التي قامت على أيادي الشعوب المستعمَرة في الماضي تغلق أراضيها في وجه شباب أفريقيا وهي تتفرج على جثثهم تتقاذفها الأمواج.

لا شيء يبعث على الانبهار بأكذوبة حقوق الإنسان، لا شيء يُحرض على الانبهار بالديمقراطية ذات الكواليس المفجعة، لا شيء ما زال يبهرنا بأوروبا. فهل انعدم الانبهار كلياً أم أن الانبهار في أزمة قد تكون عابرة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة انبهار أزمة انبهار



GMT 01:27 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

معقول كله من المَطاعيم؟!

GMT 01:26 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

أميركا وروسيا.. عالمٌ يبتعد عن النهاية

GMT 01:23 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

البخور بخاراً

GMT 01:23 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

مصالحة من أجْل الترميم

GMT 01:23 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

من اليمن إلى الصومال... من جديد

GMT 01:22 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

ميليشيا الحوثي ولحظة الحسم

GMT 01:21 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

مفاوضات عُمان: فرص التفاهم هشة والمواجهة محتملة

GMT 01:19 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

معركة اليونسكو

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ صوت الإمارات
النجمة المصرية ياسمين صبري مع كل ظهور لها عبر حسابها على انستجرام، تنجح في لفت الانتباه بإطلالاتها الجذابة التي تبدو خلالها أنيقة واستثنائية، كما أن إطلالاتها على الشاطئ تلهم المتابعات لها باختيارات مميزة يسرن من خلالها على خطى نجمتهن المفضلة، فدعونا نرصد أجمل الأزياء التي ظهرت بها ياسمين على الشاطئ من قبل وتناسب الأجواء النهارية والمساء أيضًا. إطلالات باللون الأبيض تناسب أجواء الشاطئ من وحي ياسمين صبري النجمة المصرية خطفت الأنظار في أحدث ظهور لها خلال تواجدها في المالديف؛ بإطلالة ناعمة للغاية ظهرت فيها بفستان أبيض بتصميم عملي ومجسم ووصل طوله حتى منطقة الكاحل، مع الحمالات الرفيعة وفتحة الصدر غير المنتظمة، وتزين الفستان بفتحة ساق جانبية طويلة، كما أكملت أناقتها باكسسوارات ناعمة وأنيقة اللون الأبيض حليف ياسمين صبري في ...المزيد

GMT 11:27 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 18:31 2019 الإثنين ,11 شباط / فبراير

قائمة "نيويورك تايمز" لأعلى مبيعات الكتب

GMT 05:00 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

صدور المجموعة القصصية "شيء عابر" لـ "سمر الزّعبي"

GMT 14:06 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

أنغام تظهر بإطلالة شبابية في أحدث جلسة تصوير لها

GMT 02:09 2016 الأحد ,17 إبريل / نيسان

مدن رومانية منها تنطلق كل الأساطير

GMT 11:15 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

المطربة لطيفة تُعلن سبب نجاح ألبومها الجديد

GMT 19:28 2020 السبت ,20 حزيران / يونيو

ليلى غفران تنشر صورتها مع ابن شقيق صدام حسين

GMT 18:03 2019 السبت ,26 كانون الثاني / يناير

فساتين الريش أحدث موضة في ربيع 2019

GMT 07:35 2015 السبت ,31 كانون الثاني / يناير

"معرض القاهرة للكتاب" يشهد ندوة عن "الفن التشكيلي"

GMT 08:10 2015 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

"تويتر" تلغي 336 وظيفة في اطار عملية اعادة هيكلة

GMT 16:58 2014 الخميس ,02 تشرين الأول / أكتوبر

البذلة ذات المطبوعات عنوان الأناقة العصرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates