حقوق الإنسان نكسات وثقة
آخر تحديث 21:02:24 بتوقيت أبوظبي
الأربعاء 23 نيسان / أبريل 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

حقوق الإنسان... نكسات وثقة

حقوق الإنسان... نكسات وثقة

 صوت الإمارات -

حقوق الإنسان نكسات وثقة

بقلم : د. آمال موسى

تحتفل المجموعة الدولية، الثلاثاء المقبل، باليوم العالمي لحقوق الإنسان. وهو احتفال دأبت عليه من تاريخ ديسمبر (كانون الأول) 1948، لنقل إنه أكثر الأيام الدولية شهرة ووجاهة رغم كل الصفعات التي تلقتها منظومة حقوق الإنسان وفكرها.

ويبدو لنا أن هذه المناسبة فرصة لاستعادة الثقة في فكر حقوق الإنسان والتمييز بين مشروعية هذه الحقوق ومصداقيتها الفكرية من جهة، وممارسات بعض الدول والأطراف التي تعتدي على هذه الحقوق وتحول الخطاب حولها والدعوة إليها مسألة مشكوكاً فيها وأقرب ما يكون إلى الضحك على الذقون، من جهة أخرى.

طبعاً، شهدت حقوق الإنسان نكسات من تاريخ الإعلان العالمي عنها إلى اليوم. وهي حقوق منتهكة من تاريخ البشرية والصراع البشري والهيمنة، ذلك أن المشكل الأساسي يكمن في ثقافة الهيمنة. ويؤكد تاريخ البشرية أن الطرف المهيمن يمارس الهيمنة بفعل استشعار القوة؛ لذلك فهو يسمح لنفسه بانتهاك حقوق الإنسان، بمعنى أن القوي حقوقه محفوظة وكأن خطاب حقوق الإنسان هو خطاب الضعفاء وذوي المراتب الضعيفة.

إذن؛ جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ليخرج حقوق الإنسان من دائرة القوة والضعف والهيمنة وليعمل على تعميمها على الجميع ضعفاء وأقوياء. ولكن حياة البشرية القائمة على فكرة الصراع والشد والجذب وعلاقات القوة لم تترك مسار ثقافة حقوق الإنسان يتبلور كما يجب ويقطع المسافات الطويلة في النضاليات المتعددة رغم أن الإعلان العالمي ظهر في أوج تداعيات الاستعمار وجاء لينصر الشعوب المحتلة وليكون أداة أممية قوية في أيادي النخب المدافعة عن حرية شعوبها وحقها في تقرير مصيرها. أي أن الأهوال التي نالت من كرامة الشعوب المستعمرة، كانت السبب المباشر وراء انبثاق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، خاصة أن إرث الحربين العالميتين من القتلى والجرحى والمعاقين كان ثقيلاً وموجعاً ودليلاً دامغاً على حجم انتهاك حقوق الإنسان في الحربين العالميتين وفي الشعوب المحتلة.

أيضاً من المهم وضع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في سياقه التاريخي التأسيسي، حيث بدأ فلاسفة الأنوار بإعلاء شأن العقل والحرية والإنسان، فكان ميلاد الحداثة والفردانية والثورات الفكرية وكانت الشرارة الأقوى مع الثورة الفرنسية، التي مثلت قطيعة تاريخية مع فكر، كان يحتفي بالمؤسسات الكليانية، وميلاد زمن فكري جديد يركز على الفرد وحقوقه ورفاهيته.

لذلك؛ فإن مسألة حقوق الإنسان ليست أداة للزينة بقدر ما هي نتاج تراكم من التجارب والآلام انتهت إلى الوعي بضرورة بناء ثقافة إنسانية جديدة تقوم على حقوق الفرد، الإنسان، مقسمة إلى حريات عامة وأخرى فردية.

هذا مع التذكير بأن الاستعمار بأشكاله التقليدية يكاد يقتصر على فلسطين المحتلة اليوم من العدوان الإسرائيلي اليوم، واتخذ الاستعمار القديم تمظهرات أكثر التباساً وتعقيداً، الجامع بينها علاقة الهيمنة وشروطها.

وبصراحة شديدة، فإن الحديث عن حقوق الإنسان تحول من خطاب نضالي حقوقي مشرف، إلى خطاب يثير التندر ويبعث على الشعور بالقهر، خاصة عند من يتم الاعتداء على حقوقهم باسم حقوق الإنسان أو من يتعرضون للتنكيل اليومي بكرامتهم وحقوقهم بغطاء دولي وتحالفات تقوي المعتدي، وكأن العالم يكرم المعتدي على حقوق الإنسان ويكتفي بالفرجة على ضحايا حقوق الإنسان. ولعل المثال الدامغ في هذا السياق هو ما يحصل في قطاع غزة من مجازر وعدد الأرواح من الأطفال والنساء التي انتهكت بآلة الحرب الإسرائيلية. ليس سهلاً الثقة بحقوق الإنسان وبالمنظمات التي تدعي حمايتها والعالم يتفرج على قتل آلاف الأطفال والنساء.

وإن كان ما يحدث في قطاع غزة وما عرفه الصراع العربي الإسرائيلي من انتهاكات لا يمكن عدها، إنما يمثلان الوجه البدائي المباشر للاستعمار والغطرسة، فإن أشكالاً أخرى من الانتهاكات باتت اليوم تملأ شوارع العالم وتفرغ فكر حقوق الإنسان من معناه: تسول الأطفال والاتجار بالبشر وجثث الشباب العربي والأفريقي التي لفظها البحر... كلها مشاهد أضعفت من مصداقية النخب التي ما زالت رغم كل النكسات المتتالية والمستمرة تثق في خطاب حقوق الإنسان وتؤمن أن الطريق طويلة وأن المعالجة لا يمكن أن تكون إلا شاملة. وإذا استثنينا الانتهاكات الموجهة ضد حقوق الإنسان في الحروب فإن شرط المساواة الذي يمثل قلب ثقافة حقوق الإنسان إنما يعرف انتهاكات يومية بفعل الفقر والجوع والحرمان من التعليم الجيد وخدمات الصحة.

لذلك؛ فإن العلاقة بين التنمية المستدامة وحقوق الإنسان علاقة عضوية وجدلية تفاعلية.

الفقر انتهاك لحقوق الإنسان.

المس من حرية التنقل انتهاك لحقوق الإنسان.

وكي ننعم بحقوقنا نحتاج إلى مناخات بذل الجهد والعمل وخلق الثروة لبلوغ رفاهية الحياة وجودتها الجالبة لكل ما هو جيد. فحقوق الإنسان مؤشر لقياس جودة الحياة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حقوق الإنسان نكسات وثقة حقوق الإنسان نكسات وثقة



GMT 01:54 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

الدعم والدهس

GMT 01:53 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

رمضان «نمبر ون» والفن «نمبر كم»؟

GMT 01:53 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وعود القادة في التنفيذ

GMT 01:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس... رحيل صديق للعرب والمسلمين

GMT 01:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

الحرب اللبنانية ــ الإسرائيلية عائدة... إلا إذا

GMT 01:50 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عيد شم النسيم!

GMT 01:49 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

الفراعنة يحترمون التاريخ

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ صوت الإمارات
النجمة المصرية ياسمين صبري مع كل ظهور لها عبر حسابها على انستجرام، تنجح في لفت الانتباه بإطلالاتها الجذابة التي تبدو خلالها أنيقة واستثنائية، كما أن إطلالاتها على الشاطئ تلهم المتابعات لها باختيارات مميزة يسرن من خلالها على خطى نجمتهن المفضلة، فدعونا نرصد أجمل الأزياء التي ظهرت بها ياسمين على الشاطئ من قبل وتناسب الأجواء النهارية والمساء أيضًا. إطلالات باللون الأبيض تناسب أجواء الشاطئ من وحي ياسمين صبري النجمة المصرية خطفت الأنظار في أحدث ظهور لها خلال تواجدها في المالديف؛ بإطلالة ناعمة للغاية ظهرت فيها بفستان أبيض بتصميم عملي ومجسم ووصل طوله حتى منطقة الكاحل، مع الحمالات الرفيعة وفتحة الصدر غير المنتظمة، وتزين الفستان بفتحة ساق جانبية طويلة، كما أكملت أناقتها باكسسوارات ناعمة وأنيقة اللون الأبيض حليف ياسمين صبري في ...المزيد

GMT 09:08 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

ستة طلبة ينجحون في تطوير فكرة "روبوت" على شكل قارب

GMT 01:37 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

برج الديك..أناني في حالة تأهب دائمة ويحارب بشجاعة

GMT 06:46 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

الفنان تامر حسني يغني باللهجة الصعيدية

GMT 23:50 2020 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

"العربية" و"الحدث" تنعيان الزميلة الإعلامية نجوى قاسم

GMT 09:07 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

محمد صلاح يظهر في إعلان جديد رفقة الفنان عمرو دياب

GMT 09:20 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

معرض رأس الخيمة للكتاب يُطل في مقهى ثقافي وأمسيات

GMT 04:27 2018 الإثنين ,07 أيار / مايو

اقتراب الامتحانات ينشّط سوق الدروس الخصوصية

GMT 13:16 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

دار مصر تصدر رواية الملكة للروائي عبدالرحمن حجاج

GMT 21:02 2014 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

ماستريخت أفضل الأسواق الأوروبية خلال أعياد الميلاد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates