أفكار خالدة وأخرى قصيرة العمر
آخر تحديث 15:31:44 بتوقيت أبوظبي
الخميس 8 أيار ـ مايو 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

أفكار خالدة وأخرى قصيرة العمر

أفكار خالدة وأخرى قصيرة العمر

 صوت الإمارات -

أفكار خالدة وأخرى قصيرة العمر

بقلم:د. آمال موسى

هل بات من الممنوعات الخروج عن السرب أو الغالبية التي اختارت السرب؟

طبعاً المشكلة ليست في أن نكون داخل السرب أو خارجه بقدر ما تكمن في مدى ما يلبي انضمامُنا إلى سربٍ ما مصلحتنا وأولوياتنا. لذلك فإن الانشقاق الفكري هو ظاهرة ذات تاريخ، والتاريخ نفسه يتحرك ويقاوم ثبوته بالحراك الفكري وبثورة فكرة على أخرى. ومن يقرأ تاريخ الأفكار يدرك هذه الحركة ووتيرتها وإيقاعها في عالم الأفكار. فكأن العقل البشري كوكب، والأفكار هي الموجودات في هذا الكوكب وتعرف الولادة والمرض والموت... والموجود الوحيد الذي يتميز بالخلود في العالم الرمزي هو الحرية؛ لأنه لولا الحرية لا يمكن لفكرة أن تحل محل أخرى؛ ذلك أن لكل فكرة جيشاً يحميها ويذود عنها كي لا تموت. وكلما تُثبت الفكرة الجديدة وجاهتها وقدرتها على تحسين واقع مَن يعتقد فيها، اقتربت ساعة تدهور الفكرة القديمة.

المشكلة في الوقت الراهن أن القوي يريد لمنهجيته في تحقيق القوة والتقدم أن تصبح مقدّسة، وكل من يكفر بتلك الطريقة المنهجية فإن الأبواب أمامه تصبح موصَدة. وهكذا نفهم الصراع بين القوى الدولية حول الطرق المؤدية للتقدم واكتساب القوة. هو صراع طرق في النهاية بهدف أن لا حل في النهاية إلا طريقة واحدة يجتمع حولها بقية الدول السائرة في طريق النمو.

نعم، يحدث هذا في الوقت الذي تدَّعي فيه الإنسانية الحق في تقرير المصير والحرية والرأي والرأي الآخر وعدم الإقصاء... وكأن الخيارات الاقتصادية والثقافية إنما هي خارج الحق في تقرير المصير!

من المهم أن نفهم أن تحول العالم إلى قالب واحد وطريقة واحدة وفكرة واحدة هو تراجع إلى الوراء في تاريخ العقل البشري، فكما أن القصة الواحدة يمكن أن يتم سردها بشتى الخيارات الجمالية، فإن التقدم والتنمية وخلق الثروة وتحقيق الرخاء والصمود الاقتصادي يمكن معالجتها بطرق عدة، بل إن مصلحة العالم تكمن في التعدد.

وليس صحيحاً أن الإصلاحات هي واحدة، ومن يريد الإصلاح فإن له وصفة دوائية واحدة لا غير، فهل يعلم أصحاب هذا التفكير أنهم بهذا المنطق الأحادي المهيمن كأنهم يشجعون على التداوي الذاتي؟

المفروض أنه حتى في صورة إصابة ألف شخص بزكام حادّ فإن لكل واحد من الألف مصاب وصفة دوائية خاصة به.

إن الطرق ووصفات الإصلاح تظل مرجعيات نظرية يمكن الاستئناس بها لا أكثر ولا أقل، ولكل دولة وشعب الحق في صياغة ما يناسبه من توجهات وإصلاحات مستمدة من خصاصه وواقعه الذي لا يشبه أحداً، وتاريخه وتطلعاته ومشكلاته، وهذا هو الإصلاح الصحيح.

الفكرة المراد طرحها أن لكل بلد الحق في اختيار ما يناسبه من إصلاحات وتوجهات، من دون أن يسفر ذلك عن تضييقات وإقصاءات بالجملة، ما لم تمس تلك الخيارات أمن العالم. بمعنى آخر لا يمكن شطب حق كل دولة في تحديد ما يناسبها، وليس من صالح العالم الانخراط في نوع من تذويب لسيادة الدول على مصائرها.

هناك صيغ فكرية عامة يمكن لكل دولة أن تقتبس منها ما يناسبها، وأن تترك ما يعادي مصلحة شعبها، فليس تحرير الاقتصاد ووضعه في أيادي الخواص هو الحل للجميع، كما يتم التسويق لذلك عبر الآليات الدولية الكبرى والمتحكمة في السوق الدولية المالية والاقتصادية.

ففي الكثير من الدول لا يمكن للدولة أن تنسحب من القطاعات الحساسة، وتسليمها في عهدة القطاع الخاص القائم على الربح أولاً وأخيراً. ولقد رأينا كيف أنه في أزمة الـ«كوفيد» كانت حاجة الشعوب إلى دولها لتأمين التلاقيح وإيوائها في المستشفيات إلى حد أن أزمة الـ«كوفيد» مثّلت ضربة في العمق للتوجه الليبرالي المتوحش.

لا يوجد نمط واحد للتنمية، ولا بروتوكول فريد في نوعه من الإصلاحات الهيكلية، وكل ما هو موجود هو تجارب للاستئناس بها واعتمادها بكل حرية في الاختيار، بعيداً عن منطق الشروط والإملاءات.

إنّ كل مجتمع له خصائصه وتجربته ورأسماله الرمزي والمادي، وحتى عندما تكون الأوجاع هي نفسها في الظاهر هنا وهناك، وفي بلدان عدة فيجب ألا نشكك في أن الوصفات لمعالجة الأوجاع هي بالضرورة متعددة، وليست واحدة كما يقول الظاهر.

هناك أفكار خالدة أشبه ما تكون بالقيم... وهناك أفكار قصيرة العمر تموت لتحل غيرها مكانها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفكار خالدة وأخرى قصيرة العمر أفكار خالدة وأخرى قصيرة العمر



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ صوت الإمارات
اجتمعت عاشقات الموضة الشهيرات في الوطن العربي خلال الساعات والأيام الماضية على تفضيل اللون الأسود لتزيين أحدث ظهور لهن، حيث تكاثفت إطلالات النجمات المتألقات بالأزياء السوداء، وزينت مواقع التواصل الإجتماعي، وطغت على اختياراتهن الأناقة والتفاصيل المعاصرة، كما تنوعت تلك الأزياء بين ما يناسب النزهات الصباحية، وأخرى للسهرات، ولأنه اللون المفضل في كل المواسم دعينا نلقي نظرة على أحدث إطلالات النجمات، لعلها تلهمك لاختيار إطلالتك القادمة على طريقة واحدة منهن. إطلالة نانسي عجرم ملكة البوب العربي نانسي عجرم عادت لصيحتها المفضلة في أحدث ظهور لها، من خلال اختيار موضة الجمبسوت المرصع الذي تفضله كثيرا في حفلاتها، ولم تتخل الفنانة اللبنانية عن لونها المفضل الذي رافقتها مؤخرا بكثير وهو اللون الأسود، حيث اختارت جمبسوت مرصع كليا بالت...المزيد

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 14:57 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

"نوافذ حجر" بديكورات رائعة تعزّز فخامة منزلك

GMT 15:43 2017 السبت ,24 حزيران / يونيو

​تزيين المنازل في المناسبات

GMT 12:07 2016 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هاني جهشان يوضّح حالات وطرق رتق غشاء البكارة

GMT 17:01 2019 الأحد ,11 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 13:31 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

"تنفيذي الشارقة" يناقش تطوير قطاع السياحة

GMT 11:23 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فراس سعيد يكشف عن دوره في "التاريخ السري لكوثر"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates