أميركا بعيون تاكر كارلسون

أميركا بعيون تاكر كارلسون

أميركا بعيون تاكر كارلسون

 صوت الإمارات -

أميركا بعيون تاكر كارلسون

بقلم : سوسن الشاعر

 

في دبي في القمة العالمية للحكومات حضر تاكر كارلسون المذيع الأميركي الأشهر بسبب تمرده على الماكينة الإعلامية الأميركية وانتهاجه خطاً مغايراً، بل تحدّيه للإدارة الأميركية الحالية وإصراره على إجراء مقابلة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رغم الاعتراضات والاتهامات التي مسته.

وفي دبي أجرى الإعلامي المصري عماد الدين أديب حواراً معه على منصة المؤتمر المنعقد اتسم بالجرأة العالية ويستحق المشاهدة، خاصة أنه تحدث في هذا اللقاء للمرة الأولى عن كواليس المقابلة ورأيه في ردود فعل الإعلام الأميركي بعدها.

صحيح أن الحوار دار حول المقابلة المثيرة للجدل مع بوتين، لكن الحوار كان عبارة عن امتحان لمصداقية الإعلام الأميركي، والأهم أنه كان تقييماً لمدى مصداقية عماد العملية الديمقراطية وأهم شروطها، وعلى رأسها حرية التفكير وحرية التعبير؛ إذ أثبت المذيع الأميركي أن تجربته الشخصية واحدة من المؤشرات التي أثبتت كذب تلك الشعارات، بل أثبتت كم التناقض الفاصل بين الشعارات المرفوعة في الولايات المتحدة الأميركية حول حق التعبير وحق المعرفة وحق التفكير، وبين الواقع المعيش لتلك القيم.

فقد حاولت الإدارة الأميركية ومعها الماكينة الإعلامية الأميركية أن تمنع تاكر كارلسون من إجراء تلك المقابلة؛ حاولت منعه من الذهاب وضغطت عليه بالتنصت على هاتفه وبالهجوم الممنهج ضده حتى قبل إجراء المقابلة.

وبذلك حاولت الإدارة الأميركية حجب المعلومات عن الرأي العام الأميركي الذي من حقه أن يعرف كيف يفكر هذا الشخص؛ أي بوتين، الذي يدفع المواطن الأميركي ثمن الحرب معه، سواء كان عدونا أو صديقنا، فالمهم أن أعرف من هو وبماذا يفكر وماذا ينوي أن يفعل، وبهذا برر المذيع سبب رغبته في لقاء بوتين.

وبمحاولتها منع المقابلة لم تكن الإدارة الأميركية ترغب بزيارة أي إعلامي أميركي لموسكو في هذه الأثناء؛ لأنه قد ينقل واقعاً مغايراً عن الصورة التي يراد لها أن تنتشر عن روسيا الدولة التي يحكمها ديكتاتور على حد قولهم، وكان رأي تاكر: «رأيت مدينة آمنة نظيفة لم يطلها التضخم مثلنا وجميلة معمارياً»، وهذا ما نفتقده في مدننا الأميركية، هذه المقارنة كانت تكشف حجم التشويه المتعمد الذي تعمل الماكينة الإعلامية الأميركية على نشره إن هي أرادت التشويه، بل أضاف تاكر، أن تلك الماكينة تشوه صورة الحكام العرب ومنهم حكام الإمارات، وها أنت ترى بنفسك كم هي جميلة هذه المدن، وكم هي آمنة ونظيفة، وأي إنسان يتمنى العيش فيها، وذلك عكس ما يشاع في إعلامنا.

من الذي لا يرغب أن يعيش في مدينة يستطيع أن يسير بها ليلاً فلا يرى مخدرات ولا جرائم ولا مشردين في الشارع، وأسعارها أرخص من مدينته؟ لقد رأيت تلك الحقائق المعاكسة في كل مدينة شوهها الإعلام الأميركي.

إعلامنا لم يشوه الحقائق ويحجبها عن الرأي العام الأميركي فقط، بل جعل الإدارة الأميركية تعيش بعيداً عن الواقع، فهي تبني قراراتها على معلومات مضللة، فهم يعتقدون أنهم لن يوقفوا الحرب في أوكرانيا حتى استعادة جزيرة القرم! وهذا مستحيل، ويعتقدون أن روسيا ستنسحب، وهذا مستحيل. وبعد أن دفعوا زيلينسكي للانضمام لـ«الناتو»، وذلك يعني وضع صواريخهم على الحدود الروسية، اصطدموا بالواقع فتراجعوا عن فكرة ضم أوكرانيا لـ«الناتو»، إنما بعد ماذا؟!

يقول تاكر كأميركي أحزن حين أرى وضع رئيسنا الصحي والذهني، وأحزن حين أرى وضع مدننا، وأتساءل عن مؤشرات القوة ومؤشرات الحكم السليم، فإن لم يكن الأمن والعيش الكريم من مؤشرات الحكم السليم، فماذا إذاً؟!

وما يحزنني أكثر أن يعتقد أي شخص أو أي إدارة أو حكومة أنها تعرف كل شيء، بل تعرف ما هو مناسب للآخرين وتحاول أن تشكل حياتهم وفق ما تعتقد أنها تعرفه.

ويحزنني موقف الولايات المتحدة الأميركية من سكان غزة، إنه لا يتفق مع أبسط القواعد الإنسانية، أن تكون أقوى دولة في العالم فإن ذلك يحملك مسؤولية كبيرة في حفظ الأمن الدولي.

وأخيراً، رد على ما قاله الإعلام الأميركي عن مقابلته بأنه لم يسأل بوتين عن حرية التعبير أو الحقوق الإنسانية مثلاً، فقال إن تلك الأمور غطاها الإعلام الأميركي بما فيه الكفاية، فلمَ أكررها؟! كنت هناك لأسمعه فيما تم منعه عنا وحجبه عنا.

يحتاج العالم أمثال تاكر لتنكسر مرآة الإعلام الأميركي التي لا تعكس إلا ما تريد أن تراه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا بعيون تاكر كارلسون أميركا بعيون تاكر كارلسون



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد

GMT 04:52 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

"هيئة الكتاب" تحدد خطوط السرفيس المتجهة للمعرض

GMT 04:47 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

شادي يفوز بكأس بطولة الاتحاد لقفز الحواجز

GMT 18:39 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الأماكن حول العالم للاستمتاع بشهر العسل

GMT 17:16 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وعد البحري تؤكّد استعدادها لطرح 5 أغاني خليجية قريبًا

GMT 05:14 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيرباص A321neo تتأهب لتشغيل رحلات بعيدة المدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates