ماذا بعد كل هذا الركام

ماذا بعد كل هذا الركام؟

ماذا بعد كل هذا الركام؟

 صوت الإمارات -

ماذا بعد كل هذا الركام

بقلم : أمل عبد العزيز الهزاني

بالأمس، اجتمعت «كتائبُ القسام» مع «سرايا القدس»، ونفّذا عمليةً انتحاريةً في تل أبيب نتج عنها إصابةُ أحد المارّة. ورغم أنَّهما الجناحان العسكريان الفلسطينيان في العمل ضد إسرائيل، فإن نتيجة العملية جاءت متواضعة، والأرجح أنَّه كان بالإمكان أن تكون العملية أوسع وأكبر تأثيراً، كونها عبوة ناسفة يمكن زراعتها في مكان مزدحم، لكنَّ الرسالة وصلت إلى إسرائيل بوضوح حول إمكانية عودة العمليات الانتحارية الفلسطينية داخل الأراضي الإسرائيلية ومنها العاصمة تل أبيب.

كل التطورات المتعاقبة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فرزت أعداء إسرائيل وأبعدتهم من حيث الهدف والمصير بعضهم عن بعض. اليوم ينظر «حزب الله» إلى وضعه العسكري وأهليته لدخول حرب ضد إسرائيل أكثر من كونه قلقاً على الفلسطينيين، وإيران عليها عبء الرد على اختراق إسرائيل سيادتها وتجرُّئها على اغتيال ضيفها في يوم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، ليس من أجل إسماعيل هنية، بل مداواةً لكرامتها المجروحة. بمعنى آخر، القوى الفلسطينية وحيدة اليوم أكثر من أي وقت مضى، ولا أحد مهتماً لأمر الفلسطينيين، بخلاف دول عربية محدودة، سوى الأميركيين المجتهدين في التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وقيادات غزة قبل نوفمبر (تشرين الثاني) القادم. الرئيس الأميركي جو بايدن، وعلى المستوى الشخصي، لا يود الخروج من البيت الأبيض من دون أن يترك أثراً إيجابياً حول الحرب ضد أهم وأبرز حلفائه في منطقة الشرق الأوسط، أما الحزب الديمقراطي نفسه، ممثَّلاً اليوم في كامالا هاريس فيحمل الموقف نفسه، حتى لا تكون هذه الحرب مثلبة يتمسك بها ترمب لإثبات خيبة الديمقراطيين.

آخر مستجدات المفاوضات في العاصمة القطرية الدوحة بين الفريقين، خرجت بتصريح أميركي يعبر عن التفاؤل بقرب الاتفاق على وقف الحرب، في هذا التوقيت خرج قيادي حمساوي يقول إن هذا التفاؤل «وهم»، ثم أعقبه قول مسؤول إسرائيلي رفيع بأنَّ هذا التفاؤل «جريمة وخداع». موقفا الطرفين مبرَّران وفق الحسابات التفاوضية ومحاولة إعلاء يد كل طرف فوق الأخرى، لكن الأقرب إلى الحقيقة هو الموقف الأميركي، لأنَّه في الواقع هو مَن يتحكم في خيوط التفاوض. الأميركان يقدمون جزرة كبيرة لإسرائيل عبارة عن محصلة أقوى وأحدث الأسلحة الأميركية المتطورة، مع عصا التهديد بأن يتراجعوا إلى الوراء تاركين نتنياهو يغرق عواقب عناده. من الجهة الأخرى، حرّكت واشنطن بارجاتها وحاملات طائراتها إلى الشواطئ المحاذية في تهديد جدَّي لأي هجوم إيراني أو من «حزب الله» على إسرائيل، لكنها كذلك تركت أمام «حماس» مساحة للتفاوض من خلال ضغطها على إسرائيل.

بحسابات الربح والخسارة، «حماس» خسارتها مريعة، 40 ألف فلسطيني غالبيتهم العظمى مدنيون، نصفهم من الأطفال والنساء وكبار السن، والدمار شامل لا يمكن وصفه مثلما وصفته «بلومبرغ» بأن ركام غزة يغطي ما بين سنغافورة ونيويورك. إسرائيل تفاوض بجرأة حول وجودها في محورَي «فيلادلفيا» و«نتساريم»، رغم أنها في الحقيقة غير مهتمة بالبقاء فيهما، وليس لها مصلحة بالعسكرة فوقهما إلا من أجل الدعاية السياسية، لكنها فرضت شرط بقائها لزيادة شروطها التفاوضية وحتى يكون الخروج منهما تنازلاً تقدمه مقابل مكتسبات أهم. «حماس» خسرت قيادات من الصفين الأول والثاني، ولا تزال إسرائيل قادرة على استمرار تصيّد مزيد منهم، مخالفةً بذلك سنوات من الاتفاق السرِّي الذي رَعَته الولايات المتحدة بعدم التعرض للقيادات العليا.

نتنياهو استطاع أن يضم إليه يمين الوسط في الحكومة والكنيست بعد السابع من أكتوبر، ببساطة لقد نجح في ترويعهم بأن هذه الحرب هي أخطر تحدٍّ يواجه مستقبل إسرائيل والدولة اليهودية منذ عام 1948، وهذا صحيح، ولولا أنه يتظاهر بحرصه على المحتجزين الإسرائيليين لدى «حماس» لامتصاص غضب الشارع، لكانت شروطه في التفاوض تعجيزية. نتنياهو لا تعنيه مظاهرات يوم السبت من أهالي المحتجزين، لأن في قناعاته الشخصية 200 محتجز إسرائيلي ثمن بخس أمام تدمير «حماس»، والواقع أنه نجح إلى حد كبير في تدميرها. وكما نجح في قبول مقترح واشنطن عام 2006 بتنظيم انتخابات تشريعية شاملة وهم على علم بأن «حماس» ستفور فيها، إسرائيل اغتالت إسماعيل هنية لأن يحيى السنوار، القائد الجديد، هو الأفضل للإسرائيليين، فلا هو بدبلوماسية خالد مشعل، ولا بمهادنة إسماعيل هنية، سيكون العدو المناسب الذي سيخلق الأعذار لمزيد من الاحتراب والتدمير والابتعاد عن الحلول السلمية، على الأقل هذا ما يختمر في رأس نتنياهو، فهل هذا صحيح؟ هل السنوار سيقود «حماس» بصلفه إلى الهاوية؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا بعد كل هذا الركام ماذا بعد كل هذا الركام



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates