حلم أم علم

حلم أم علم؟!

حلم أم علم؟!

 صوت الإمارات -

حلم أم علم

بقلم - عبد المنعم سعيد

 

قيل «ضاقت فلما استحكمت حلقاتها، فُرجت وكنت أظنها لا تُفرج»، وقبل أسبوعين فقط بدت الأزمة الاقتصادية المصرية غير قابلة للانفراج، وكانت النشرات الشعبية الإخبارية تتبارى فى المدى الذى يصل إليه سعد الدولار بالجنيه المصرى. الأنباء الأكثر خطورة تعلقت بارتفاع الأسعار لسلع أساسية للأغلبية، وسلع رأسمالية للأقلية؛ ولدى النخبة من المفكرين الذين توصلوا إلى أن القطاع الخاص هو الحل، فقد بلغ اليأس مبلغه معتبرين أن هناك حائط صد منيعًا ضد وثيقة ملكية الدولة لا يبلغ لأحد به علم ولن يكون له يومًا إعلان.

ما بات متواترًا عن التقديرات المختلفة للشركات والمؤسسات العالمية الخاصة والعامة لم يكن مبشرًا بانفراج الغمة؛ بل فى معظم الأحوال منذر بتفاقمها. توارد على الذهن أن النهضة التى بدأت خلال السنوات العشر الماضية قد وصلت إلى قمتها التاريخية المعتادة فى حلقات دورية من البزوغ والأفول، وهى التى لا تلبث بعد ذلك فى الانحدار. لم يكن كافيًا ولا مقنعًا أن الأزمات الدولية من الإرهاب إلى كورونا إلى حرب أوكرانيا إلى حرب غزة الخامسة كافية للانتقال المصرى من التفاؤل إلى التشاؤم فقد كان هناك فى الغيب ما هو ليس معلوم ولا معروف!.

ولكن كل ذلك سرعان ما انقلب حاله حينما هلت لحظة الانبثاق ممثلة فى الاتفاق الذى جرى بين مصر والإمارات على الاستثمار الكبير فى منطقة رأس الحكمة على الساحل الشمالى. حجم الاتفاق كان كافيًا لتوليد دهشة كبيرة لدى الجمهور العام فى مصر حيث تبادل المصريون أنباء ذهبت فى الاتجاه العكسى فى علاقة الدولار بالجنيه، وقبل أن يتغير شىء فى الواقع الفعلى للسلع فى مصر ظهرت الإشارات عن تراجع فى الأسعار.

أكثر من ذلك بدأ الحديث عن النية فى مستقبل قريب لإبرام شراكة إضافية، مع المملكة العربية السعودية هذه المرة، على «رأس جميلة»، وتوالت تكهنات حول محاولات قطرية فى نفس الاتجاه؛ ولا أدرى لماذا لم ترد لا الكويت ولا عمان فى القائمة. كما هى العادة فى مصر فإن نجاح نموذج مبشر سرعان ما يلقى بظلاله على كل ما سوف يلى.

ويبدو لى أن الحكومة المصرية أدركت ذلك فدفعت نحو اتجاه جديد بظهور أخبار عن النية فى طرح المطارات المصرية بما فيها مطار القاهرة الدولى على شركات الإدارة العالمية. قبل ذلك قرأت عن قيام كل من السعودية وقطر بشراء أسهم فى مطار «هيثرو» الشهير فى لندن وأن الإمارات فى طريقها للحاق بهما.

لم أكن وحدى الذى سعد بهذه الأخبار، فقد كان هناك من يؤمنون مثلى بأن «الاقتصاد الحر» و«القطاع الخاص» هما مفتاح التنمية والانطلاق فى مصر؛ وأنه من الممكن للدول أن تقيم اقتصادها وحياتها على «إدارة الفقر» بل إن مثل ذلك يمكنه أن يخفض أعداد الفقراء؛ ولكن ما ليس ممكنًا أن تحقق هذه السياسة الانطلاق الكبرى التى تنقل من صفوف الدول «النامية» إلى مراتب الدول «المتقدمة».

ما بين هؤلاء تولد مشروع مصر ٢٠٥٢ المعروف بعنوان «المخطط الاستراتيجى القومى للتنمية العمرانية لمصر والذى استهدف مضاعفة الرقعة المأهولة بالسكان من ٥.٦٪ إلى ١٢٪ لمواجهة الزيادة السكانية المطردة حتى العام المذكور. فى الواقع فإن هذا المخطط كان ملهمًا لكافة التغيرات العمرانية التى جرت فى مصر خلال السنوات العشر الماضية؛ والمرجح أن الرقعة المأهولة قد وصلت إلى ما هو أكثر بكثير.ولكن العام الأخير شهد أمورًا مثبطة بدأت بعدم افتتاح المشروعات التى جرى الانتهاء منها ورغم ما أحرزته من تغيير عمرانى فإنها لم يتم تشغيلها بالشكل الذى يجعلها تولد الموارد اللازمة لخلق التوازن فى الاقتصاد القومى. ولم تنته بالتباطؤ الشديد فى تحويل وثيقة ملكية الدولة إلى واقع، فجرى التلويح بصفقات ولكنها لم تتجسد فى واقع منتج يسد العجز.

كان هناك ما يبدو يدًا خفية لا نراها ولكنها توقف مسيرة بات موعدها المظفر فى ٢٠٣٠ غير قابل للاستكمال. الإعلان عن صفقة «رأس الحكمة» وما تبعها من إعلانات ربما تلوح بأن فترات المراجعة والمتابعة التى جاءت من حوارات قومية واقتصادية قد شحنت مرة أخرى بطاريات التنمية والعمل التى بدأت قبل عشر سنوات، وتقف الآن على أبواب مرحلة جديدة تشكل انطلاقة كبيرة إلى المستقبل.

والأكثر تفاؤلًا يشيرون إلى جمهورية جديدة تخرج منها مصر بأعلام مرفوعة. ما لا ينبغى نسيانه أن مشروع رأس الحكمة على كبر حجمه وأهميته فإن أهم إنجازاته هى أنه أضاء الطريق الذى ينبغى السير فيه والإصرار عليه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حلم أم علم حلم أم علم



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 19:32 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 11:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 00:07 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أحدث صيحات حفلات الزفاف في ربيع 2020

GMT 16:16 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مميزة بالملابس المنقطّة تناسب الحجاب

GMT 19:49 2016 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

أبل تقر بمشكلة في هواتف "آي فون 6 إس"

GMT 21:36 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

الشيخ سعود بن صقر القاسمي يستقبل القنصل الكندي

GMT 18:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تشجّع النساء على القيام بالأنشطة الرياضية

GMT 21:47 2020 الخميس ,13 شباط / فبراير

موديلات عباية مخصّرة تفضلها النجمات

GMT 08:04 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"نينتندو" تطلق لعبة "Mario Kart Tour" رسمياً لمنصتي "أندرويد" و"iOS"

GMT 02:24 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

9 أسباب تجعلك تشرب حليب القرفة كل ليلة قبل النوم

GMT 19:53 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

أسعار الذهب في لبنان اليوم الثلاثاء 3 سبتمبر 2019
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates