بقلم - عبد المنعم سعيد
عندما التحقت مجندا بالقوات المسلحة فى سبتمبر 1970 بقيت مشاركتى فى العمل السياسى الذى أكد ضرورة الانتقام لهزيمة يونيو 1967 وتحرير سيناء. وفى يناير 1972 عندما انتشرت المظاهرات والإضرابات الجماهيرية، كنت فى إجازة من وحدتى العسكرية لكى أقوم بالإعداد للماجستير فى جامعة القاهرة. ولما كنت منشغلا بقوة فى السياسة الثورية، فقد شاركت فى تنظيم المظاهرات والاحتجاجات خلال العام التالي. وفى فبراير 1973 قام البوليس باعتقالى ولما كنت رسميا مازلت جنديا فى القوات المسلحة فقد تم نقلى إلى هناك، حيث سجنت ثلاثة أسابيع حبسا انفراديا عدت بعدها إلى وحدتى العسكرية؛ وكان العد التنازلى لحرب أكتوبر 1973 قد بدأ فعلا. وفى يوم السادس من أكتوبر 1973 عبرت وحدتى قناة السويس فى الثامنة مساء ذلك اليوم، وأصبحت على الجانب الآخر داخل الأراضى التى تحتلها إسرائيل فى فجر اليوم التالي.
وبعد أربعة عقود فإن صديقا أمريكيا سألنى عما إذا كنت فى ميدان التحرير فى ثورة 25 يناير 2011، وحينما أجبته أننى لم أكن هناك أخذته المفاجأة لأن كل مصرى قابله أخبره أنه كان يعيش فى الميدان خلال الثورة كلها. قلت لصديقى فى النهاية يكفى أننى كنت هناك بين 1968و1973. لكن الحقيقة أننى كنت على أى حال فى ميدان التحرير، أو بالقرب منه طوال أيام الثورة الثمانية عشر. وللدقة، فقد كنت فى مبنى الأهرام الذى يقع فى شارع الجلاء على بعد 500 متر من الميدان أو أقل من 300 متر من ميدان عبدالمنعم رياض الذى يعد امتدادا لميدان التحرير وعاش فيه من الثوار من لم يجد لنفسه مكانا داخل الميدان الكبير. وخلال مدة الثورة كلها عشت فى مكتبى فى الدور العاشر من مبنى الأهرام، حيث كان ميدان التحرير على مرمى حجر، ومن تحتى كان شارع الجلاء وكوبرى السادس من أكتوبر يحملان موجات متعاقبة من الثوار.