إنَّها حقاً لمهزلة

إنَّها حقاً لمهزلة!

إنَّها حقاً لمهزلة!

 صوت الإمارات -

إنَّها حقاً لمهزلة

بقلم - سوسن الأبطح

 

ظنَّ دونالد ترمب أنَّه في «حواره الودي» على منصة «إكس» ذات العشرة ملايين متابع، لساعتين كاملتين، مع أغنى رجل في العالم، سيقلب الموازين الانتخابية لصالحه في مواجهة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، التي بدأت تتقدم عليه، وتصيبه بالجنون، فجاءت النتائج عكسية.

المداهنة المبالغ فيها بين الرجلين الثريين، جعلت ترمب يبدو مملاً، مضجراً، يكرر قصصه نفسها، عن كامالا اليسارية المتطرفة، ونجاحاته الاقتصادية، ومهارته السوبرمانية في منع الحروب، وإنجازاته في توفير الأموال لجيوب الأميركيين. وكلها أمور مشكوك فيها. تسابقت وسائل الإعلام في اليوم التالي، إلى إحصاء أكاذيب ترمب وتلفيقاته. لم يقل الرجل شيئاً يستحق التوقف عنده. وفشل مستضيفه إيلون ماسك، في أن يلعب دور المحاور، فوافقه على أي شيء، وأثنى على مغالطاته، مشجعاً إياه على الاسترسال. ولم يوفر ترمب كعادته عنصرية أو فوقية إلا وبثّها في كلماته. ولم يتوقف عن كيل المدائح لإيلون ماسك حتى إنه امتدحه لأنه اقتصّ من موظفيه، وهو ينهرهم: «حسناً، تُضربون عن العمل؟ لا بأس. أنتم جميعاً مطرودون». قائلاً له: «أنت أفضل من يفعل هذا!» يا للهول! إنهم بإهانة الناس يتفاخرون!

ليس واضحاً، أيٌّ من بين المليارديرين يتسلق الآخر، في انتهازية مريرة؛ ترمب الذي يثني على النجاح الساحق لكتاب ماسك، أم ماسك الذي يعبّر عن دهشته من بطولة ورباطة جأش المرشح الجمهوري، وهو يتعرَّض لمحاولة اغتيال، مما جعله يؤيده، ويتراجع عن رأيه القديم به؟

في كتاب صدر العام الماضي، يروي فيه ماسك سيرة حياته، يكرر: «أنا لست من محبي ترمب. إنه مدمّر». بل إنه يكنّ له «ازدراءً عميقاً»، معتبراً إياه «رجلاً محتالاً»، و«مجنوناً نوعاً ما».

لكن ماسك، المنساق وراء زيادة نفوذه وثروته، لا يتردد في مسح كلمات الأمس، والتحالف مع من يزدريه، ما دام سيصبح الرجل الأول في أميركا، وأسهمه بدأت بالصعود. فمصالح صاحب «تسلا» و«سبيس إكس» الذي بنى إمبراطوريته، بفضل دعم حكومي، وعقود مربحة مع «ناسا»، وقروض فيدرالية سخية، يريد أن يدعّم مصالحه، ويوثّق عُرَى تعاونه مع الجهات الرسمية، وليس أفضل من رئيس البلاد لتمرير القرارات المفيدة. ولا يمانع ملياردير العصر في تمويل ترمب بمبلغ هزيل لا يتعدى 45 مليون دولار في الشهر، مقابل أن يكون له موقع في لجنة لخفض النفقات في إدارته المقبلة. ويجيبه المرشح ترمب بحماسة: «أنت أعظم من يخفّض النفقات». مصالح ماسك لا تُحصى، أقلها أن رفع الضرائب على السيارات الصينية الكهربائية الذي ينويه ترمب، سيفتح السوق الأميركية المديدة أمام «تسلا»، التي ليس لها منه اليوم سوى عشرة في المائة. وإن لم يخب الظن، وجرت الأمور كما يريد، ليس ما يمنع أن يصبح ماسك مرشحاً في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ما دامت المليارات تمنحه شرعية أن يفعل ما يحلو له، متى بدا له ذلك مناسباً.

لم نعد نعرف إن كان إيلون ماسك، رجل أعمال، مخترعاً، أم أنه أصبح محاوراً صحافياً، أم مؤثراً، أم تراه منجِّماً يطلق التوقعات المستقبلية؟ وهو يتدخل في السياسة الداخلية لبريطانيا، ويوجه نقده إلى رئيس وزرائها كير ستارمر؛ يهاجم حكومته، وجهازي الشرطة والقضاء، على مدار أسبوعين، ويتهم الشرطة بالتعامل مع بعض المتظاهرين بقسوة أكثر من غيرهم، ويصف أحكام السجن الصادرة بحق مثيري الشغب اليمينيين المتطرفين، الذين هاجموا المهاجرين المسلمين، بأنها «فوضوية». وأطلق ماسك توقعاته القاطعة أن «الحرب الأهلية في بريطانيا حتمية». ولا نعرف من أين يأتيه اليقين، أو تتملكه الجرأة لأن يطلق الشائعات. وهو بذلك من مدرسة المتطرفين الشعبويين الذين ينذرون بالحروب والكوارث التي لا يمكن درؤها من دونهم. ترمب يبشرنا بحرب عالمية ثالثة، وهو المخلّص الوحيد الذي يمكنه نجدتنا منها، كما أن بمقدوره أن يوقف حرب أوكرانيا وروسيا بعصاه السحرية. أما حرب غزة فلم تكن لتقع أصلاً لو كان رئيساً. وهذا حال كل متطرفي اليمين، يرعبون مواطنيهم من المهاجرين، ويهددونهم بهوية تتشوه وتذوي، ومستقبل قاتم مظلم.

إنه لأمر في غاية الخطورة، أن تتسلط حفنة من أغنياء شركات التكنولوجيا على رقاب البشر، بمنصاتهم، وبياناتهم التي جمعوها عنّا، وملياراتهم ومعادلاتهم الذكية، فيما تغيب القوانين والتشريعات التي يمكن أن تكبح جماحهم، أو تفرمل نزقهم وطغيانهم.

وما ماسك إلا نموذج، أُعطي قوة شمشون، يأتينا محملاً بعُقَد الطفولة، وظُلم الأب، واليُتم المبكر ونقص الحب، وصعوبة التعاطي مع من حوله، ليقرر لنا بخوارزمياته، ما يحق لنا أن نعبّر عنه أو ما لا يجوز، ويمنح نفسه حق التسلط والتفرد، واستغلال منصة عامة ليحصد مصالح شخصية بحتة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنَّها حقاً لمهزلة إنَّها حقاً لمهزلة



GMT 02:11 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 02:11 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 02:10 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 02:10 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 02:09 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 02:09 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حكاية عشق

GMT 01:58 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

صيحة سلمان الداية... لها وعليها

GMT 01:58 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الخامس والأربعون والسابع والأربعون

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 02:59 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة
 صوت الإمارات - بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة

GMT 03:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف
 صوت الإمارات - تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 02:54 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 03:01 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 صوت الإمارات - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 19:57 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

تتحدى من يشكك فيك وتذهب بعيداً في إنجازاتك

GMT 21:09 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

"داميان هيندز" يطالب بتعليم الأطفال المهارات الرقمية

GMT 11:11 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حسن يوسف سعيد بالاشتراك في مسلسل "بالحب هنعدي"

GMT 03:01 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

حسين فهمي ووفاء عامر يستكملان "السر" لمدة أسبوع

GMT 16:07 2013 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم النينجا المكان الوحيد الذي تخدمك فيه النينجا

GMT 20:43 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تقدم الدعم الفني لجيبوتى لتأسيس أول معهد للفنون الشعبية

GMT 00:02 2020 الخميس ,21 أيار / مايو

ميسي ينعى فيلانوفا في ذكرى رحيله

GMT 04:12 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد تناول كوب نعناع في اليوم

GMT 18:59 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

سجون تحولت إلى فنادق فاخرة كانت تضمّ أخطر المجرمين في العالم

GMT 00:57 2019 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

روستوف أون دون مدينة السحر والجمال و تقع في جنوب روسيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates