بقلم - مشاري الذايدي
من قال إنَّ الماضي يموت وينتهي أثره على الحاضر والمستقبل، الماضي يعيش بالحاضر ويُرضع المستقبل الوليد.
أدخل للموضوع مباشرة، غزو صدام حسين للكويت في 1990 ما زال يؤثر على الحاضر، بل وهو صانع العقود التي تلته، التي صارت هي بدورها ماضياً.
تخيل لو لم يغز صدام الكويت واستجاب لوساطة الملك فهد ومحاولات الرئيس حسني مبارك... كيف كان سيتشكل حال الشرق الأوسط والمشهد الأمني العربي؟!
مثلاً كان أسامة بن لادن وتنظيمه الذي أعلن عنه لاحقاً، تنظيم «القاعدة»، سيتمكن من تنفيذ مغامرته الكبرى، هجمات 11 سبتمبر (أيلول) التي صنعت عالماً جديداً، عالماً قبيحاً وخطيراً على أمن العرب وصورة المسلمين قاطبة؟
على ذكر الماضي وصدام وبن لادن والإرهاب العالمي، من المهم الاطلاع على المعلومات التي نبشها الأستاذ الزميل غسان شربل في هذه الصحيفة عن العلاقات بين زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن ورئيس النظام العراقي صدام حسين آنذاك.
في معلومات الزميل شربل، التي نشرت أمس في هذه الصحيفة، التأكيد على وجود هذه العلاقة، التي نفاها بعض العرب وغير العرب ردحاً من الزمن، متهمين إدارة بوش باختلاقها.
ينقل الأستاذ غسان عن رئيس شعبة أميركا في المخابرات العراقية وقتها، سالم الجميلي، الذي كان وراء المحاولة الأولى للاتصال بزعيم «القاعدة».
مما جاء في حديث الجميلي أنَّ صدام حسين أصدر توجيهاً إلى المخابرات بـ«العمل بكل قوة خصوصاً لتقويض الوجود العسكري الأميركي في السعودية».
مصدر آخر، رفض الكشف عن اسمه، قال إنَّ بن لادن أظهر في لقائه مع رئيس العمليات الخارجية في المخابرات العراقية وقتها، فاروق حجازي، الذي التقى أسامة لادن في السودان، «شيئاً من المرونة بالنسبة إلى موقفه من نظام البعث العراقي». وأضاف أنَّ بن لادن «طالب في حال التعاون أن تكون له معسكرات تقام تماماً خارج سلطة الدولة العراقية، وأن يمتلك حرية تحديد الأهداف والتوقيت». وأشار إلى أنَّ «صدام سأل حجازي عن موقفه فردَّ بأن ثمن التعاون معه سيكون بالغ الخطورة».
هذه معلومات كاشفة عن تخادم الجنون والعبث في العالم العربي، والله أعلم هل كان للروس وقتها وربما نظام الترابي والبشير دور مباشر في إنضاج هذا التعاون، ضد السعودية مباشرة.
بعد سنوات من السواد والفوضى، سلم الأمريكان رقبة صدام لأعدائه في العراق، وقتلت قواتهم الخاصة أسامة بعد انتزاعه من ملاذه الباكستاني وقتلوه، ثم رموا جثته لقاع بحر العرب، وأعدمت السلطات العراقية فاروق حجازي الذي لجأ إلى سوريا، بعد سقوط نظام صدام، لكنه أُرغم على التوجه إلى الحدود السورية - العراقية، حيث اعتُقل.
تلك الأيام. حاضرة ولم تكشف كل خباياها.