ولا تزال وردة تغنى لمصر على الربابة

.. ولا تزال وردة تغنى لمصر على الربابة!

.. ولا تزال وردة تغنى لمصر على الربابة!

 صوت الإمارات -

 ولا تزال وردة تغنى لمصر على الربابة

بقلم -طارق الشناوي

ليلة أمس، وفى موسم (جدة الغنائى)، تم إعلان الحب مجددًا بين وردة وجمهورها العريض فى الوطن العربى. بأصوات أصالة ونانسى عجرم وريهام عبد الحكيم وعبير نعمة وآخرين، وقاد الفرقة المايسترو وليد فايد.

وردة صوت ملهم للملحنين، كما أنه ملهم للمطربين، كبار الملحنين الذين تعاملت معهم، مثل: محمد عبدالوهاب ورياض السنباطى وفريد الأطرش وبليغ حمدى ومحمد الموجى وكمال الطويل وسيد مكاوى وحلمى بكر، وصولًا إلى صلاح الشرنوبى، منحهم صوتها خيالًا انعكس على الجملة الموسيقية، كما أن العديد من المطربين، وليس فقط المطربات، وجدوا فى أسلوب وردة طريقًا جديدًا للتعبير، يجمع بين الكمال والجمال، لم يقلدوا الصوت بقدر ما حرصوا على اتباع المنهج.

لى ذكريات خاصة مع وردة، تعود إلى أكثر من ثلاثين عامًا، إلا أننى أكتفى هذه المرة بعام ٢٠٠٩، عندما كانت بعض الأصوات الغاضبة معصوبة العينين تطالب بمنع أغنيات «وردة» من الإذاعة المصرية، كما أن نقيب الموسيقيين وقتها فى ظل توابع زلزال الغضب أعقاب مباراة مصر والجزائر فى (أم درمان)، قرر إيقاف التعامل مع كل ما هو جزائرى، وعلى رأسهم وردة.

حدث انفلات إعلامى بين البلدين، حتى إن أحد نجومنا أصر على أن يعيد جائزة كان قد حصل عليها فى مهرجان سينمائى جزائرى أعادها مجددًا إلى السفارة الجزائرية بالقاهرة. تساءل البعض بكراهية وتشفٍّ: كيف لوردة أن تحتفظ بجواز سفرها المصرى وهى تشجع فريق الكرة الجزائرى؟!.. «وردة» كانت تعيش فى القاهرة، وتحديدًا فى حى (المنيل) فى عمارة تطل على النيل، تتأمل صفحته وترى أهله الطيبين، الذين لم يعرفوا عن «وردة» سوى أنها فنانة كبيرة قدمت للمكتبة الغنائية المصرية بصوتها جزءًا عزيزًا علينا جميعًا.

ولم ننس لها أبدًا أنها مع الموسيقار «بليغ حمدى» والشاعر الرائع «عبد الرحمن منصور» منحونا أول وأجمل أغنية استقبلنا بها نصر أكتوبر، تردد مقاطعها: (حلوة بلادى السمرة/ بلادى الحرة/ بلادى الصابرة/ وأنا على الربابة بغنى/ ما أملكش غير إنى أغنى/ وأقول تعيشى يا مصر).

صدقنا «وردة» لأنها بالفعل تحب مصر وتهتف بحياتها.. ومن حقها أن تحب أيضًا الجزائر، حيث (الجينات) الوراثية، بلد أبيها وأبنائها، بل حتى تتمنى لفريقه الكروى الفوز - لو صح أن هذا قد حدث - رغم أن وردة أساسًا، كما قالت لى، لا تشاهد أو تتابع مباريات (كرة القدم)، وعندما اتسعت تلك الضجة ضدها، لم تكن تعلم حتى أنها بسبب مباراة كرة قدم.

حاولت أن أنزع غابات الأشواك التى نثرها البعض تحت أقدام أجمل وأرق «وردة» فى حديقة الغناء العربى!!.

ولم يستمر الأمر طويلًا، تغلب صوت العقل، واكتشفنا أننا عندما نمنع صوت وردة من التداول، نرتكب أكبر حماقة فى حق مصر، رصيدها الغنائى كله مصرى، وتواصلت معى بعدها تليفونيًا، والتقينا أكثر من مرة، بين بيتى وبيتها أقل من ١٠ دقائق سيرًا على الأقدام.

«وردة» مشروع غنائى مختلف.. نعم قد يرى البعض أن «بليغ» كان هو العنوان، ولكن الحقيقة أنه لا «بليغ» كان مشروع «وردة»، ولا «وردة» أيضًا هى مشروع «بليغ»، «بليغ» كان متفتحًا على كل الأصوات، «وردة» فى مرحلة السبعينيات تقيدت داخل إطار موسيقى «بليغ»، لكنها وبقدر المستطاع كانت بين الحين والآخر تهرب من هذا القيد، تلتقى مع كل الكبار وتضيف الكثير من النفحات المختلفة، لرصيدها الغنائى!!.

«وردة» تساوى القدرة على الاستمرار.. شحنة داخل المبدع كثيرًا ما تفاجئه هو شخصيًا، هكذا أرى «وردة» لا تستطيع أن تضعها فى إطار واحد، ولا قانون واحد، ولا زمن واحد، عمرها الفنى امتد نحو نصف قرن، لم تتخل فيها عن القمة، والأحرى أن نقول إن القمة لم تتخل أبدا عنها.

«وردة» هى أولًا مطربة الميكروفون والحفلات، تملك الحضور الاستثنائى الذى يؤهلها لكى تواجه الجمهور على المسرح، وقدمت مسرحية شهيرة (تمر حنة)، منحت السينما ستة أفلام خلال ٣٠ عامًا، عرفها الناس فى البداية مع (ألمظ وعبده الحامولى)، وقدمت للتليفزيون مسلسلًا ناجحًا (أوراق الورد) فى مطلع الثمانينيات، لم يكن حظها من النجاح كبيرًا فى السينما، ولكن فى النهاية قدمت أغنيات ناجحة.. لولا الأفلام لما كان من الممكن أن تحتفظ المكتبة العربية فى أرشيفها بتلك الأغنيات المصورة دراميًا.

لم تستسلم «وردة» لغدر الأصدقاء ولا لقسوة الزمن، ولا لمعاناتها مع المرض، الذى تسلل بضراوة إلى قلبها وكبدها.. قاومته حتى اللحظة الأخيرة بالغناء وبعشق الحياة.

سر وردة أنها تجيد هضم مفردات الزمن وقراءة تفاصيله، ولهذا عندما تغير إيقاع ونبض الاستماع فى التسعينيات، قررت أن ترقص هى أيضًا على إيقاع الشباب، ولكن بأسلوب «وردة» وليس ترديدًا لأغنيات الشباب، كان من الممكن أن تعتبر إنصاتها للموجة الجديدة واعترافها بأن هناك جمهورًا آخر، يعد بمثابة إعلان هزيمة لها ولجيلها، كان من الممكن أن تكتفى بالماضى الجميل وتتحصن وراءه، ولكنها دخلت للمعركة وهى تبحر مع أحد الملحنين الذين كانوا يعدون فى طليعة المتهمين وقتها بأنهم انحرفوا بمسار الغناء من مخاطبة الوجدان إلى هز السيقان وهو «صلاح الشرنوبى».

«وردة» اكتشفت أن «الشرنوبى» لديه مخزون نغمى له نبض عصرى، وفى نفس الوقت لا يبتعد عن عبق الماضى، شكل معها نوعًا من التوأمة، ولهذا أكملت مع «الشرنوبى» فى رحلة بدأت مع «بتونس بيك»، وكان معهما الإذاعى والشاعر الكبير «عمر بطيشة»، فقدم نبضًا شبابيًا لا يخلو من وميض شاعرى، لم تغب «وردة» عن الجيل الجديد، وظلت أيضًا مخلصة لجيلها.

ولم تتوقف عند محطة واحدة، بل غنت لأمير عبد المجيد، وبعدها تدخل الألفية الثالثة مع ملحن فى الثلاثين من عمره هو «وليد سعد»، وقبل رحيلها جمعتها أكثر من جلسة مع تامر حسنى، وكانت فى طريقها- لو امتد بها العمر- لغناء عدد من ألحانه، وقتها وكالعادة احتج عدد من الكبار، وتساءلوا: كيف تقدم وردة على تلك الخطوة؟!، من غنت لعبد الوهاب والسنباطى والأطرش وبليغ، تغنى لتامر؟!.. كم أتمنى أن يقدم تامر للجمهور أحد هذه الألحان!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 ولا تزال وردة تغنى لمصر على الربابة  ولا تزال وردة تغنى لمصر على الربابة



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates