العزبي قتلته عيون بهية

العزبي قتلته (عيون بهية)!

العزبي قتلته (عيون بهية)!

 صوت الإمارات -

العزبي قتلته عيون بهية

بقلم -طارق الشناوي

فى الثقافة الشعبية، يطلقون على مصر «بهية»، والمطرب الراحل الكبير محمد العزبى كان عاشقًا متيمًا بـ(بهية وعيون بهية).. وباعتبارى من (السميعة) المدمنين لمحطة الأغانى، أشعر بأنه يتعرض لظلم كبير، قطعًا غير مقصود، وهو بالمناسبة عذر أقبح من ذنب.

العزبى أحد أساطين (الموال) فى عالمنا العربى، إنه (ترمومتر) الغناء، أغلب الكبار كانوا يحرصون على اجتياز هذا الامتحان العسير بترديد الموال، حتى من اشتهروا بالغناء العاطفى، مثل عبد الوهاب وأم كلثوم وفريد وفوزى، لديهم أيضا مواويلهم.

آخر عمل فنى من الممكن أن تتذكره للفنان محمد العزبى هو دويتو (جرح الحبيب) مع المطربة اللبنانية ديانا حداد.

فى سنواته الأخيرة، تغير المذاق الفنى والمزاج العام، وبدأت الأضواء تنحسر عنه، وبات عشاق الفن الشعبى الأصيل يتوارون، حتى جاءه طوق النجاة، قبل نحو عشرين عاما، بـ(جرح الحبيب)، التى كتبها مصطفى مرسى ولحنها وليد سعد، بعدها تذكره الناس وكأنهم اكتشفوا أن فى (السندرة) دُرة ثمينة، ولمن لا يتذكر (السندرة)، أقول إنها عبارة عن مخزن محفور أعلى مكان فى الحجرة، نضع فيه كل ما توقفنا عن استعماله.

بدأ العزبى المشوار نهاية الخمسينيات، بعد ربع قرن من تتويج محمد عبد المطلب رائدا، بل ملكا للموال، وهكذا كانت البداية مقلداً له، فلم يستطع مثل الكثيرين سوى أن يدور فى فلك (طِلب) ، وهو ما حدث بالضبط قبلها بسنوات قليلة مع مطرب ينتمى إلى نفس الفصيلة، وهو محمد رشدى، ثم تباعا يخرج رشدى وبعده العزبى من عباءة الملك، ويحتفظ كل منهما بمذاقه الفنى الخاص، إلا أن العزبى ظل حريصاً على أن يواصل الطريق فى مدرسة الأستاذ، والتى كان من معالمها أن يبدأ الغناء بالموال. امتلك العزبى ذاكرة تحتفظ بالعشرات من المواويل، وكم تمنيت أن يتنبه أحد إلى أهمية أن يتم توثيق هذا التراث الشفهى، ولكن لا أحد كالعادة تنبه!!.

الحياة منحته صدفتين: الأولى هى أن فرقة (رضا للفنون الشعبية) كانت تبحث عن مطرب فى بداية تكوينها نهاية الخمسينيات، كان كارم محمود هو مطرب الفرقة الأول، إلا أنه كان يجد صعوبة فى الالتزام اليومى، فكان لابد من البحث عن مطرب بديل ورشيق، فأصبح العزبى هو الحل، واحتفظت له الذاكرة البصرية باستعراضات مثل (فدادين خمسة)، وأفلام مثل (إجازة نص السنة) و(غرام فى الكرنك) ورددنا معه (لقصر بلدنا بلد سواح/ فيها الأجانب تتفسح/ وكل عام وقت المرواح/ بتبقى مش عايزه تروح).

الصدفة الثانية جاءته عندما اعتذر محمد رشدى فى اللحظات الأخيرة عن غناء (بهية)، كان رشدى قد غنى العديد من الأغنيات الشعبية التى تتغزل فى النساء، بداية من (وهيبة) و(عدوية) وصولًا إلى (نجاة) و(نواعم).. وغيرها، ولاحظ أن النجاح الطاغى لم يصادف (نجاة) و(نواعم)، وخشى أن تلقى (بهية) نفس المصير، فتراجع عنها، وعلى الفور قرر بليغ حمدى، ملحن الأغنية، أن يرشح محمد العزبى.. الغريب أن عبد الحليم حافظ أجاب، فى حوار مع الإذاعى وجدى الحكيم، عن الأغنية التى كان يتمنى غناءها، فقال على الفور: (بهية).

حققت الأغنية نجاحًا غير مسبوق، وصارت مرادفة لاسم العزبى، ما إن يراه الناس حتى يطالبوه بغناء بهية.. النجاح الطاغى صار عقدة، الناس لم تعد تريد أن تستمع إلى أى لحن آخر، فقرر أن يلجأ للتراث الموسيقى واختار واحدة من أجمل الأدوار القديمة (قمر له ليالى)، لداود حسنى، الملحن المصرى اليهودى، ورددها له الناس، ورغم ذلك ظلت بهية هى حبهم الأثير، فلجأ إلى هذه الحيلة.

وهى تقديم الجزء الثانى للملحمة (ياسين)، وبدأت الكلمات التى كتبها عزت الجندى، ولحنها إبراهيم رأفت (قالوا كتير عن بهية / احكى لنا عن ياسين)، ولعبت الأغنية دورا عكسيا، كانت تذكرهم بـ (بهية)، وكلما شارك فى حفل وغنى (ياسين) اكتشف أنهم ينتظرون أن ينتهى على وجه السرعة من (ياسين) من أجل (بهية وعيون بهية)!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العزبي قتلته عيون بهية العزبي قتلته عيون بهية



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates