بقلم -طارق الشناوي
فى هذه الدنيا على الإنسان محاولة انتزاع الفرحة له وللآخرين، بديهى أن الدموع والأحزان تطاردنا فى كل وقت وأى وقت، علينا أن نستعد بالمواجهة ونرتدى القميص الواقى الذى يحول، دون أن تخترق أجسادنا ووجداننا، طلقات الأحزان التى تحوم حولنا.
نطرق كلما أمكن أبواب السعادة، وإذا سمعنا همساتها فلا ينبغى أن ننتظر لحظة، نسارع ونأخذها بالأحضان، قبل أن يخطفها الجيران، اكتشفت فى السنوات الأخيرة أننا فقدنا القدرة على تذوق البهجة، صرنا متخصصين فى إحالة أفراحنا القليلة إلى سرادقات للعزاء.
اليوم سوف يغنى ويجز فى حفل ختام (المونديال) بالدوحة، مطرب مصرى حقق نجاحا استثنائيا بأغانى الراب، وحفلاته بالقاهرة وغيرها من المدن تكتظ بالآلاف، وهناك ملايين يتابعونه على مختلف أنواع الوسائط الاجتماعية، انتصار مصرى يجب أن نفخر به، علينا أن نحاول الاستماع إليه فهو يقدم (أبجدية) مختلفة يتذوقها بسهولة جيل (زد)، الذين ولدوا مع نهاية التسعينيات، وصار لديهم تفاصيلهم الخاصة فى كل شىء، إذا لم تكن قادرا على أن تستمتع- ولا أقول تستمتع بتلك الأغانى- فإن الحد الأدنى ألا تناصبها العداء، بحجة أن الشارع- أقصد قطعا قطاعا منه بطبيعة تكوينه- ينظر بتوجس لكل ما جديد (الإنسان عدو ما يجهل)، نحن عادة نواجه ما نجهله بالرفض وأحيانا النفور، البعض منا يعتبر تلك أحكاما نهائية لا تحتمل الاستئناف ولا تقبل النقض، والبعض يكرر المحاولة وربما يصبح العدو مع التكرار صديقا.
الحرية مطلقة للجميع فى اتخاذ الموقف، الذى يتوافق مع مشاعرهم، ولكن النقابات الفنية يجب أن تغير المؤشر وتميل أكثر للاحتواء، يجب أن نذكر بأن نقابة الموسيقيين فى عهد النقيب الجديد مصطفى كامل (واربت) الباب، بينما كان النقيب السابق هانى شاكر يميل أكثر للإغلاق، وأضاع طاقة النقابة فى معارك خائبة، مصطفى يحاول أن يقف فى مرحلة متوسطة، ولكن يعوز النقابة الرؤية الاستراتيجية، غناء ويجز فى (المونديال) حدث يسعد المصريين ويستحق أن تحتفى به النقابة، ما أصدره المجلس فى البداية ينم على التوجس، قالوا لـ (ويجز) ننتظرك بمجرد عودتك لمطار القاهرة للمثول أمام جهات التحقيق، اتضح أن مطربى الراب والشعبى والأداء الصوتى- والأخير يقصدون به (المهرجانات)- يجب مع كل رحلة سفر خارج الحدود إعلان النقابة أولا، ولا تدرى لماذا هم فقط فى عُرف النقابة (أبناء البطة السودة)؟.
شاهدت قبل أيام قليلة الملحن الكبير بليغ حمدى فى حوار زمنه يربو على 30 عاما، متحدثا عن الجيل الجديد وكان يقصد وقتها عمرو دياب، دافع عنه بينما كانت الكتلة الأكبر تناصب وقتها العداء لعمرو دياب لأنه قدم ما هو مغاير على الأذن، جاء بليغ حمدى الذى تربت أذنه على تذوق أصوات أم كلثوم وعبد الوهاب وفريد وعبد الحليم واستمد ألحانه من تراثنا وينابيعه سلامة حجازى وسيد درويش وداود حسنى وزكريا أحمد ومحمد القصبجى ورياض السنباطى، شاهدته يدافع بحرارة وقناعة عن (دياب) وإخوته.
البعض منا مع الأسف لا يزال يعيش تحت وطأة فهم خاطئ اسمه نظرية المؤامرة، لديهم قناعة أن هناك توافقا خارج الحدود لضرب الفن المصرى- وبين قوسين- (الرصين) لحساب فن آخر- بين قوسين أيضا- (غير رصين)، ما هى الرصانة؟، هذا هو السؤال الذى يعجزون عن الإجابة عنه، كل ما كان يصنف باللارصانة أصبح مع الزمن رصينا، بل عز الرصانة، النظرة الآن لعمرو دياب أنه الرصانة بالقياس لـ(ويجز).
لكل زمن مفرداته وإذا لم تمتلك القدرة على هضم الجديد، فإن عليك أن تبدأ بمراجعة الأبجدية الجديدة، لا تعجبك أغانى هذا الزمن، حقك، ولكنك يجب أن تعترف بأنك لن تقهر الزمن!!.