لبنان هل تعود الدولة

لبنان.. هل تعود الدولة؟

لبنان.. هل تعود الدولة؟

 صوت الإمارات -

لبنان هل تعود الدولة

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

 

لبنان، منذ سنواتٍ طويلةٍ، بلدٌ يعاني تحولاً بطيئاً من «دولة» إلى «شبه دولة» لأسباب متعددة قضت على التوازن الهش بين مكوناته ودمرت اقتصاده وأدخلته في حروبٍ مختلفة في منطقة تشتعل بالصراعات والنزاعات، وذاكرته القريبة تختزن حرباً أهليةً ضروساً أكلت حينها الأخضر واليابس.

الهجوم الإسرائيلي المستمر والمتصاعد على جنوب لبنان يأتي بعد الحرب التي تكمل بعد أيامٍ قليلة عاماً كاملاً في غزة المنكوبة، وكما تتالت الأخبار فقيادات محور المقاومة تلقت تصفيات واغتيالاتٍ منظمة قبل «ضربة البياجر» بعدها، وصولاً للعملية الأكبر قبل أيامٍ باستهداف كل قيادات «حزب الله» العليا بمن فيها حسن نصر الله، الأمين العام للحزب. هذه العملية الكبيرة ضمن السياق الذي حدثت فيه توضح بجلاء أن قواعد اللعبة في المنطقة قد تغيرت، وأن المواضعات السياسية وتوازنات القوى التي كانت قائمة لعقودٍ من الزمن قد وصلت إلى نهايتها، وهو ما أوضحه الفرق الكبير في تلقي الخبر بين تيارين عريضين في المنطقة، فتيار المقاومة أقام التعازي والحداد، بينما الشعوب التي تأذت من هذا المحور في العراق وسوريا ولبنان واليمن أبدت فرحاً بسبب ما تعرضت له هذه الشعوب من قتلٍ وتهجيرٍ منظمين في السنوات الماضية.

في العام 1982 كانت لبنان خاضعة لسيطرة بعض الفصائل الفلسطينية المسلحة وكانت تتحكم بكل شيء تقريباً في لبنان ولها اليد العليا هناك وقد ضجت بعض القوى اللبنانية من ذلك وحاولت المواجهة، ولكنها لم تنجح ثم جاء الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان وصولاً إلى بيروت والذي لم يتوقف حتى ركبت كل الفصائل الفلسطينية على السفن متجهةً إلى تونس ثم تهيأت الأوضاع لاستعادة الدولة اللبنانية إلى وصول رفيق الحريري لرئاسة الحكومة والتنمية الكبرى التي قادها في لبنان حتى تم اغتياله غدراً في 2005.

اليوم في 2024 تبدو الصورة مشابهةً، فهناك فصيلٌ فرض نفسه بالقوة المسلحة على كل الفرقاء داخل لبنان وجرها إلى مشكلاتٍ خارج حدودها وأكبر من قدرتها، وإسرائيل تصنع مثل ما صنعته قبل أربعين عاماً، ولكنها بسبب التقدم التقني الهائل في الحروب ليست بحاجة لاجتياحٍ كاملٍ وإنما لحربٍ تؤدي الغرض بالنسبة لها وهي القضاء على كل ما يهدد أمنها في حدودها الشمالية. يمكن لهذا الحدث الضخم مع التراجع الواضح في قوة ومواقع وإمكانيات محور المقاومة أن يجد اللبنانيون، جيشاً وقوى سياسيةً وأحزاباً وتياراتٍ، فرصةً لاستعادة «الدولة» من جديدٍ، وهم بحاجة لدعمٍ من كل حلفاء لبنان في المنطقة والدول الغربية لإنجاز مهمة بهذا الحجم قد تغير مستقبل لبنان نحو الاستقرار والأمن والرخاء.

لبنان دولةٌ من أصغر دول المنطقة، وقدرها وضعها بين صراعات المحاور الكبرى في المنطقة، وهو ما أخرجها من كل المعادلات الإقليمية وتسبب في تراجعها الكبير في سلم الحضارة الإنسانية من سويسرا الشرق إلى شبه دولة للفوضى. النقاش السياسي مع المؤدلجين غير مجدٍ، فالسياسة من شؤون الدنيا التي يختصم فيها البشر، والأيديولوجيا لا تعترف بذلك.. والنقاش يجب أن يكون مع مدعي التحليل السياسي والتفكير المدني الذين أضرت طروحاتهم كثيراً بالشعوب المغلوبة على أمرها في غزة ولبنان وسوريا واليمن، فهم يبررون قتل الشعوب العربية لأجل فكرةٍ تقودها دولٌ غير عربيةٍ، وهم يقلبون المعاني فيسمون «الهزيمة» نصراً و«التوحش الطائفي» ضرورةً وهم قبل هذا وذاك منخرطون في دعم محورٍ إقليمي أثبتت الأحداث والحروب والفتن عبر أربعة عقودٍ أنه لا يكن للشعوب العربية إلا العداء. أخيراً، فبلغة السياسة ما يجري هو تغيير كبير لتوازنات القوى في المنطقة له ما بعده في المستقبل.

* نقلا عن "الاتحاد"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان هل تعود الدولة لبنان هل تعود الدولة



GMT 06:29 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

عند الصباح: «حَيدروش»

GMT 06:28 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

عند الصباح: «حَيدروش»

GMT 06:27 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ساركوزي في قفص القذافي

GMT 06:26 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

نعم يا سِتّ فاهمة... الله للجميع

GMT 06:25 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

المجتمعات المعنفة!

GMT 06:24 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ثورة الاتصالات والضحايا السعداء

GMT 06:24 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماسك... رئيس الظل أم الرئيس المشارك؟

GMT 06:23 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

لبنان يستسلم لاختيار عون!

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates