سجون وشجون

سجون وشجون

سجون وشجون

 صوت الإمارات -

سجون وشجون

بقلم - إنعام كجه جي

ليس أصعب من أن تستيقظ في الصباح لتكتب عن السجون. «صيدنايا» عنوان بارز في الحدث السوري. قسوة مفرطة رغم أن السجون في العالم قديمة قِدم البشرية، لا فضل فيها لشعب على شعب، منها ما هو رهيب مثل «آلكتراز» في خليج سان فرنسيسكو، ومنها ما هو استراحة مرفهة مثل «ليبون» في النمسا. أغلقت السلطات الأميركية سجنها الشهير، وحوّلته إلى موقع سياحي، مثلما أغلق المغرب سجن «تزمامارت»؛ في مسعى لتجاوز آلام الماضي.

لعلَّ أشهر السجون في التاريخ هو «الباستيل»، يُلفظ «الباستيّ»، حصن من القرون الوسطى حبسوا فيه أديب فرنسا فولتير، كان في الثانية والعشرين وكتب أشعاراً ضد الوصي لويس فيليب. اقتحمه الثوار عام 1789 ووجدوا فيه سبعة أنفار. صِيته أكبر منه، هدموه، وهو، اليوم، ساحة يتوسطها تمثال شاهق لحورية مجنَّحة.

قرأنا عن «أبو زعبل» في مصر، وسمعنا عن «الواحات»، جدران ردّدت صرخات الألم، ومعها أناشيد الحماسة وأغنيات الحب. تحايل المعتقَلون السياسيون ليصدروا نشرة صوتية وليقيموا مسرحاً مرتجَلاً، يخرجون من الزنازين، وتلمع أسماء بعضهم في الصحافة والأدب والفن. الدنيا دوارّة. يتحرّر السجين من أَسْره، ويدخل الطليق وراء القضبان. ما زلت أتذكر ذلك الكتاب السميك في مكتبة البيت «من السجن إلى الرئاسة». المؤلف جواهر لال نهرو.

لم يتحوّل «أبو غريب» إلى مزار سياحيّ، جاء الأميركيون ومارسوا فيه أقذع بشاعاتهم، لكنه لم يكن أَرهب السجون في العراق. يحفظ الجيل السابق لعنة «نقرة السلمان»، ثم ظهر «قصر النهاية» وفاقَ الكل. مبنى جميل كان يُدعى «قصر الرحاب»، أقامت فيه العائلة المالكة قبل إبادتها. معتقل ينطبق عليه المَثل: الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود. أصدر عدد من الناجين كتباً تروي أساليب تعذيب شيطانية. يبقى التعذيب، في العالم كله، وحشية الإنسان ضد الإنسان. اسألوا الفلسطينيات والفلسطينيين في سجون إسرائيل.

دُعي الصحافيون في 1973 ليشهدوا تحطيم «قصر النهاية». تجوّلنا، قبل تفجير عبوات الديناميت، في أقبية خَلَت من المعتقلين على عجل. أين ذهبوا بهم؟ نِعالهم باقية في المكان، وروائح أجسادهم وكتاباتهم المحفورة على الجدران. نسفوا المبنى، وتشظّت حجارته. طار أحد الأقفال واستقر جانباً، أخذتُه وخبّأته في حقيبتي. وانتهى على رف في بيت صديق كان قد حلّ ضيفاً على «قصر النهاية». يتأمله ويبكي. تُوجعه كرامته.

يخرج معتقلو «صيدنايا» من السراديب إلى النور، يَصِلون إلى بيوتهم والبكاءُ يسبق العناق. المهمة الأولى، قبل الاستحمام، إرسال مَن يحضر دواء للقمل من أقرب صيدلية، ومرهماً للجروح. يُمنحون ثياباً نظيفة صارت أكبر من مقاساتهم. تطبخ لهم الأمهات والزوجات أكلاتهم المفضلة، يأكلون لقيمات ويشبعون. ينامون مع كوابيس شتائم حراس المعتقل، ويستيقظون على حرية ما زالت عصيّة على التصديق. أغلبهم لا يعرف تهمته، يواسونه بأن السجن للرجال. وهناك من الأهالي مَن ينتظر المفاتيح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سجون وشجون سجون وشجون



GMT 06:29 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

عند الصباح: «حَيدروش»

GMT 06:28 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

عند الصباح: «حَيدروش»

GMT 06:27 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ساركوزي في قفص القذافي

GMT 06:26 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

نعم يا سِتّ فاهمة... الله للجميع

GMT 06:25 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

المجتمعات المعنفة!

GMT 06:24 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ثورة الاتصالات والضحايا السعداء

GMT 06:24 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماسك... رئيس الظل أم الرئيس المشارك؟

GMT 06:23 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

لبنان يستسلم لاختيار عون!

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates