بقلم - مشعل السديري
يؤكد ويصرّ (العقلاء) على ترديد تلك (الكليشيه) المتداولة عبر التاريخ التي جاء فيها؛ حدث العاقل بما لا يعقل، فإن صدقك فهو أحمق، غير أن تسارع الزمن قد أكد حقيقة (ما لا يعقل). هذا بالطبع غير الخرافات والأساطير.
فقبل 200 سنة لو قلت لأحدهم إن الأرض كرويّة لضحك من كلامك وطلب لك شيخاً يقرأ عليك، ولو قلت لأحدهم إن الحديد سوف يطير وإن الإنسان سيمشي على القمر، لخلع حذاءه وضربك به.
والآن بدون أن تأتوا لي بشيخ يقرأ عليّ، ولا بحذاء أضرب به، سوف أحكي لكم التالي...
أعلنت شركة الفضاء الخاصة (بلو أوريجن) المملوكة لواحد من أغنى رجال العالم وهو (جيف بيزوس) عن تصميم نموذج جديد لمركبة فضائية ستوفر إمكانية الوصول إلى سطح القمر.
وتهدف الفكرة إلى الاستغناء عن طريقة إطلاق الصواريخ البدائية وتعتمد على إنشاء كوابل تمتد بين الأرض والفضاء يمكن استخدامها في تحريك مصعد فضائي ينطلق من الأرض إلى القمر في رحلات منتظمة، مشيرة إلى أنه بمثابة الحلم الذي سيحقق طفرة كبيرة في مجال الرحلات الفضائية في المستقبل.
المشروع يواجه تحديات كثيرة، أبرزها تصنيع كوابل من مواد تتميز بأنها ذات متانة عالية، لتتحمل قوة الشد الهائلة التي ستتعرض لها عندما يتم مدها لمسافة طويلة جداً، بإطلاق قمرين صناعيين صغيرين في الفضاء، يربط بينهما كابل معدني، بينما يتم إجراء تجربة لاختبار إمكانية جرّ حاوية صغيرة في الفضاء على منوال فكرة عمل المصعد التقليدي، التي أشارت إلى أن نتائج هذه التجربة، ستقود إلى تحولات كبيرة في اتجاه إنجاز فكرة المصعد الفضائي في المستقبل، وسيتم إطلاق أدوات تخص تجارب المشروع الفضائي، على متن مركبة فضائية.
وفكرة إنشاء مصعد فضائي معقولة، وربما تجعل السفر إلى الفضاء شيئاً عادياً في المستقبل بتكلفة قليلة مقارنة بالوضع الحالي، لكن أبرز التحديات هو قدرة الكوابل المستخدمة على مقاومة الأشعة الكونية ذات الطاقة العالية.
وتشير التقديرات إلى أن طول الكابل سيكون في البداية نحو 100 ألف كيلومتر، وأن تكلفة إنشائه تتجاوز 90 مليار دولار، ثم تتضاعف التكلفة والطول تدريجياً إلى أن يصل طول الكابل إلى طول المسافة بين الأرض والقمر والبالغة (384.400 كيلومتر)، وهي قصيرة بالنسبة للمسافات البعيدة بين الأرض والكواكب الأخرى.
وإذا أراد الواحد عندنا قديماً أن يعبر عن قصر المسافة بين مكانين يقول: (حذفة عصا)، وإذا أراد أن يبالغ في سرعة الوصول إلى مكان ما يقول: (خنّ)... (بط).