بقلم - سليمان جودة
في وقت من الأوقات جرى إطلاق مبادرة رئاسية ضخمة شعارها «١٠٠ مليون صحة»، وكان هدفها أن يتخلص البلد من ڤيروس سى تمامًا، وأن يجرى الإعلان في نهايتها عن أن مصر صارت خالية من هذا المرض!.. وقد حدث هذا بالفعل.. وكانت مبادرة طموحة في موضوعها، كما أن منظمة الصحة العالمية شهدت في حق المبادرة شهادة لا أظن أن فيها مجاملة لنا!.
وليس سرًّا أن الحماس الرئاسى للمبادرة في وقتها قد أعطاها طاقة كبيرة، وجعلها تقطع خطوات واسعة في فترة زمنية قصيرة، ولولا ذلك الحماس ولولا المتابعة الرئاسية الشخصية لما كانت المبادرة قد وصلت إلى ما وصلت إليه في آخر مشوارها!.
وكان الاهتمام بالمبادرة يقوم على أساس مهم.. هذا الأساس هو أن الاستثمار في صحة المواطن ليس كمثله استثمار، وأنه استثمار مضمون العائد، وأن أي حكومة جادة تظل مدعوة إلى الإنفاق العام على هذا الملف لأن الإنفاق عليه هو إنفاق في مكانه!.
وإذا كانت المبادرة قد حققت أهدافها، وإذا كانت قد حظيت بما حظيت به من رضا الناس، ومن شهادة «الصحة العالمية» وقتها، فإننى أدعو إلى إطلاق مبادرة رئاسية جديدة لا تنفصل من حيث موضوعها عن المبادرة القديمة، وإنما تتكامل معها فيما يعود على صحة الإنسان!.
المبادرة الجديدة يمكن أن يكون شعارها «١٠٠ مليون شجرة».. ومن الشعار نفهم أن الهدف هو زراعة شجر بهذا العدد في بلدنا!.
لا أريد أن أقول إن إطلاق هذه المبادرة رئاسيًّا سوف يدعم موقفنا في مؤتمر المناخ الذي تستضيفه شرم الشيخ نوفمبر المقبل.. فلسنا في حاجة إلى مؤتمر دولى بهذا الحجم لنطلق مبادرة تعود بالنفع كله على صحة المصريين، ولسنا في حاجة إلى زرع شجرة لإرضاء المؤتمر ولا لإرضاء العالم، ولكننا في حاجة لإرضاء أنفسنا أولًا، وفى حاجة إلى مبادرة كهذه تجعل البيئة التي يحيا فيها الناس أفضل، وتضيف إلى الصحة العامة، فتكون حلقة من حلقات بدأتها المبادرة الأولى!.
لو أن مبادرة بهذا الاسم صادفت قبولًا رئاسيًّا، ولو أنها صادفت حماسًا رئاسيًّا من نوع ما حصلت عليه المبادرة الأولى، فسوف تكون استثمارًا مؤكد العائد، وسوف تكون من نوع الاستثمار الذي يعرف هدفه فيذهب إليه من أقصر طريق!.