بقلم - سليمان جودة
عندما ترى هذه السطور النور، سيكون الرئيس التونسى قيس سعيّد قد تسلم مشروع الدستور التونسى الجديد، الذى سيجرى الاستفتاء عليه فى ٢٥ يوليو المقبل!.
ونحن نعرف أن الموعد المقرر سلفًا لتسليم مشروع الدستور هو أمس الإثنين، وأن هدف التعديلات التى طلبها الرئيس سعيد على الدستور الحالى هو أن يتوازن الدستور من حيث الصلاحيات التى يمنحها لرئيس الحكومة، وتلك التى يعطيها لرئيس الدولة فى المقابل!.
ومن قبل كان الرئيس الحبيب بورقيبة قد حكم على أساس دستور يجعل من النظام الحاكم نظامًا رئاسيًّا، ومن بعده جاء الرئيس زين العابدين بن على، فحكم على أساس من الدستور نفسه والنظام الحاكم نفسه، فلما جاءت رياح ما يسمى «الربيع العربى» حملت إلى تونس دستورًا جديدًا، هو دستور ٢٠١٤!.
والمشكلة فيه أنه جعل من نظام الحكم فى البلد نظامًا برلمانيًّا خالصًا، وأنه جعل الرئيس شبه متفرج على ما يجرى فى البلاد من أحداث، رغم أن انتخابه يتم من الشعب مباشرة، وليس من خلال أعضاء البرلمان كما نعرف فى نظم الحكم البرلمانية!.
ومن قبل كان الرئيس السابق، الباجى قائد السبسى، قد ضج من هذا الوضع، فصرخ فى رئيس حكومته وقتها وقال ما معناه إنه ليس «ساعى بريد» فى قصر قرطاج يتسلم القرارات من رئيس الحكومة ويوقع عليها، ثم ينتهى دوره عند هذا الحد!.
وعندما ورث الرئيس سعيد هذا الوضع السياسى غير الطبيعى من بعد السبسى، فإنه لم يحتمله ولم يعرف كيف يتعامل معه، وفى النهاية قرر أن يخوض معركة تعديل الدستور بكل ما يملكه من سلطات فى مكانه، وبكل ما يستطيعه من أدوات إقناع!.
ولكن المشكلة أن الدنيا قد قامت ضده ولا تزال، وأن مؤيدين له فى البداية قد انقلبوا إلى خصوم، وفى المقدمة منهم اتحاد الشغل، الذى يشبه اتحادات النقابات عندنا، ومعه الحزب الدستورى الحر، الذى كانت رئيسته، عبير موسى، قد قامت بدور مهم فى كبح جماح حركة النهضة الإسلامية داخل البرلمان.. ولا تعرف كيف يذهب الرئيس إلى تعديل فى الدستور وهو يخاصم تيارين سياسيين كبيرين هكذا، ثم وهو يخاصم معهما القضاة الذين دخلوا فى إضراب، للأسبوع الثالث على التوالى!.
ولابد أن تونس تتهيّب ٢٥ يوليو المقبل، وتنتظر!.