بقلم - أحمد بن سالم فرج باتميرا
تبدأ اليوم في العاصمة السعودية الرياض أعمال الدورة الـ41 لقمة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وسط ترقب لما ستسفر عنه الجهود الكويتية المبذولة لإنهاء الخلافات بين الأشقاء بعد ظهور تطورات وتصريحات متفائلة بين الجهات المعنية.
والتفاؤل يسود الأجواء الخليجية الشتوية هذه الأيام، خصوصا بعد التصريحات التي أدلى بها عدد من وزراء الخارجية، بأن قمة الرياض ستكون في غاية الأهمية لتطوي صفحة الخلافات أو تقريب وجهات النظر لتخطو دول مجلس التعاون من الرياض بثقة وتفاؤل نحو التعاون والتكامل والازدهار في كافة المجالات التي تهم شعوب دول المجلس، خصوصا وأن الأجواء مهيأة ومتاحة لتقريب وجهات النظر باتفاق يحمل في ثناياه الخير لدول المنطقة.
فجهود الوساطة الكويتية والتحركات العمانية والأميركية خلال الفترة الماضية نتمنى أن تكلل بالنجاح لرأب الصدع، وأن تفتح صفحة جديدة يكون عنوانها المصارحة والشفافية والمصالحة والتعامل كأخوة، وأيضا الاهتمام بتطوير التعاون في مختلف المجالات للوصول للتكامل والتعاضد وتحقيق الرفاهية لشعوب دول المجلس والأمن والاستقرار في المنطقة.
هناك ملفات عديدة شائكة تحتاج لقرارات، لذا تتطلع شعوب دول مجلس التعاون الخليجي أن تكون هذه القمة فاتحة خير لحلحلة بعض الملفات المهمة، خصوصا التي فرضت نفسها على دول المنطقة في الجانب الاقتصادي والتجاري والمالي والاستثماري.
نحن نؤمن بقدرة قادتنا أو من يمثلهم في القمة بالخروج بقرارات إيجابية وواقعية حتى نتمكن من تجاوز الخلافات والانشقاقات، والتوصل لقواسم مشتركة لحلها، في إطار المنظومة الخليجية الواحدة، فالعالم يشهد تغيرات جذرية وانقسامات حادة وجائحة كورونا، وهبوط أسعار النفط، ووضعا ماليا واقتصاديا صعبا للغاية وسط متغيرات إقليمية ودولية دقيقة تتطلب منا كدول خليجية التكاتف والاتفاق على رأي واحد لمواجهة كل هذه الأزمات الحالية وغيرها، والتي تضعف أي نظام ما لم يكن متماسكا وقويا في كافة الجوانب السياسية والاقتصادية.
قمة يغيب عنها المغفور لهما بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد وسمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ـ رحمهما الله ـ اللذان سعيا لتهدئة الأمور، خصوصا أمير الكويت الراحل وكان لتحركاته وجهوده الكبيرة دور لذلك، واليوم تنعقد القمة على تفاؤل بإعادة الأمور لمكانها الصحيح وتدارك ما فات، وبناء لحمة قوية لمواجهة التحديات وتقوية الجوانب الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين دول مجلس التعاون، وهي كفيلة بإعادة الوئام بين جميع الأطراف، وإحلال السلام والاستقرار في المنطقة دون ضرر أو ضرار لأي طرف كان.
فهذا الصرح الخليجي المتماسك الذي له الآن واحد وأربعون عاما بحاجة لتكاتفنا ووحدتنا وتضامننا وحكمتنا لاستكمال العمل الخليجي المشترك، وتحقيق الأهداف المحددة له مما يجعلنا نعيش سعداء وفي أمن وأمان.
وانعقاد القمة واستمرارها يأتي من هذا المنطلق بأهمية المجلس الذي ولد ليبقى، فالأزمات والاختلافات والإشكالات هي عابرة بطبيعتها مثل السحاب، وتبقى الأخوة قوية ومتماسكة؛ لأن ما يربط دول المجلس من وشائج قربى ودم ودين وتاريخ وأنساب وغيرها كثير وعميق ومتواصل.
فما يجمعنا نحن دول وشعوب مجلس التعاون أكثر مما يفرقنا، أما التحديات فهي سمة الكون، والأحداث والأزمات التي حولنا تجعلنا نتماسك ونتوحد لمواجهتها، واليوم في الرياض نتطلع إلى أن تتصافى النفوس، ويعود الأمل إلى قلوبنا في رؤية مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يجمع أهل البيت كنبض واحد، وتعود المياه إلى مجاريها لتنعم شعوب الخليج بالرفاهية والأمان.
فالتجربة الخليجية مختلفة ومتميزة وصامدة ومستمرة كما أراد لها قادة دول مجلس التعاون السابقون والحاليون، لذا فإننا متفائلون بتحريك المياه الراكدة ولو قليلا من أجل الوصول لحلول ترضي كل الأطراف، بغض النظر عن الأخطاء التي ارتكبت أو من كان وراءها أو الظروف التي صاحبتها؛ لأننا في حاجة ماسة للنظر إلى الأمام بتفاؤل وتجاوز ما حدث للعبور بالسفينة الخليجية لشاطئ الأمان، فيكفينا ما حدث وما سيحدث إذا استمررنا في خلاف مستمر مما سيؤثر على مجتمعاتنا الخليجية ووحدتنا.
إن القمة الحادية والأربعين لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس مهمة ويترقبها الجميع من الخليج للمحيط لتعزيز اللحمة الخليجية، وترسخ أركان هذا المجلس المبارك، وسيظل خليجنا خليج خير وسلام بعون من الله وحكمة قادتنا أصحاب الجلالة والسمو حفظهم الله .. والله من وراء القصد.
د. احمد بن سالم فرج باتميرا