بقلم - سمير عطا الله
أخيراً، تَعبُر المدام لوبان عتبة السلطة، يمسك بيدها الرئيس إيمانويل ماكرون. متكارهان تحت سقف واحد. لمثل هذه الحالات في العلاقات شبه الزوجية، اخترع الفرنسيون كلمة Cohabitation، أو المساكنة. التلازم بالإكراه. لكن الشريك الآخر في الماضي لم يكن اليمين. لم تكن المدام لوبان، ابنة جان ماري لوبان، الذي أسس للانقسام العميق في النظرة إلى كل ما يتعلق بفرنسا، دولة ووطناً.
كان لا يزال أمام ماكرون ثلاث سنوات من الحكم، وإلى جانبه أكثرية نيابية معقولة، وخُيل إليه أن الدعوة إلى انتخابات عامة في مهلة خاطفة لن تمكّن خصومه من الاستعداد. وقع في فخه. وأوقع فرنسا في مرحلة من المناكفة والاضطراب وعدم الاستقرار. وأدخل معها أوروبا في المزيد من التحول المجهول، والجدل القومي، وصراع «الهويات القاتلة» كما سمّاه أمين معلوف.
سوف يكون اليمين الفرنسي شريكاً في الحكم على الصعيد الداخلي، لكنه سوف يضع فرنسا في شراكة مع اليمين الأوروبي، الذي سبقه إلى الحكم كما في إيطاليا وهنغاريا، وقريباً في بريطانيا وما يلي.
الفارق أن اليمين في فرنسا عالي الصوت وعنيف الخطاب. والمقلق فيه مواقفه ومشاعره المعلنة من «فرنسا العربية»، أو «فرنسا الإسلامية». وقد يحدث أيضاً عكس التخوف. أي قد يتحول الغلاة بعد انتصارهم إلى رجال دولة وأصحاب مسؤولية يتحاشون الصدام المرعب، لكن الاحتمال في هذا معدوم أو محدود.
كان ماكرون يؤدي دوراً إيجابياً وحيوياً في هذا المضمار، من خلال العلاقات مع المغرب والجزائر. والأرجح أن هذا الدور سوف يقوى، رغم ضعفه الآن، كرئيس في المرتبة الثالثة من القوة التمثيلية.
سوف يكون العالم العربي في حالة ترقّب شديد. وعسى ألا تلعب «المعارضة – الشريكة» دوراً معاكساً، أو معرقلاً. فالعرب داخل فرنسا، وهي جزء من قضايا عربية كثيرة.