بقلم - سمير عطا الله
هذا هو العالم هذا الصباح، بألوانه جميعاً: الرئيس شي في مقعد التشرمان ماو، وإلى الأبد. هو زعيم أكبر حزب شيوعي، وهو رئيس أكثر الدول الرأسمالية نمواً. أما اللون فكانوا يسمونه في الماضي الأصفر. وهذه هي 10 داونينغ ستريت، ولن تصدق، لونها الجديد: «فقير» هندي بلا مسامير ينام عليها 40 يوماً. وفوق ذلك أحد أغنى أغنياء بريطانيا. وفوق ذلك الأصغر سناً. وفوق ذلك زعيم حزب الباشوات المحافظين، وليس لون العمال الغلابة الذين يهاجرون من المستعمرة السابقة بحثاً عن عمل.
هذا هو العالم، ولله في خلقه شؤون. الرئيس شي والرئيس ريشي يدخلان، والرئيس ميشال عون يخرج وسط وداع جماهيري مقسوم: ناس تدمع، وناس تفرح، وناس لم تصدق بعد أن الرجل اقتنع بأن عهده انتهى. والحقيقة أنه لم ينته بعد. مجرد انتقال بين قصرين، كما في رواية نجيب محفوظ الشهيرة. وأينما يقيم الرئيس عون تكون الإقامة «قصر الشعب» ويكون المقام طويلاً.
وأحوال الرئاسات في هذا العالم ليست صيناً كلها. فالعملاق الروسي متعب، وجواره ضنك وحروب. ولا أحد يعرف كيف أو متى، يمكن أن تنتهي حرب الاستنزاف التي أغرق فلاديمير بوتين نفسه فيها. لقد تجاهل الرجل تلك القاعدة الذهبية: لا تبدأ شيئاً لا تعرف كيف تكون نهايته.
بوتين كرر الأخطاء التي يفترض أنه تعلم منها: الأميركيون في فيتنام. العرب في 67. صدام في الكويت. يجب أن تضمن أولاً باب الخروج، تقول الحكمة الصينية، أما كلاوسفتز، أشهر خبير حرب أوروبي، فكان يقول، يجب أن تضمن أولاً باب الانسحاب. هذه أول مرة يدخل الجنرال عون قصراً ويخرج منه ملتزماً الموعد الدستوري. في الماضي أقام في القصر الجمهوري ولم يخرج إلا تحت قصف السوخوي السورية. وأمضى في المنفى 15 عاماً ولم يعد إلا باتفاق مع سوريا. وفي الأسبوع الأخير من بعبدا خذلته سوريا عندما رفضت الدخول مع لبنان في مفاوضات حول ترسيم الحدود، بعدما أنهى الجنرال عون المفاوضات حول ترسيم الحدود مع إسرائيل، وألقى خطاباً بهيجاً حول الانتصار.
خلال أربع سنوات تغيرت في داونينغ ستريت أربع حكومات، بينها امرأتان وهندي، ووزير تربية أفريقي، وعلى الجانب الآخر من القتال امرأة رئيسة وزراء للمرة الثانية، ولبنانية وزيرة ثقافة.