عاشق مراكش

عاشق مراكش

عاشق مراكش

 صوت الإمارات -

عاشق مراكش

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

أطلقت «دار السويدي للنشر» منذ سنوات مشروعاً أدبياً تاريخياً اجتماعياً ممتعاً، هو البحث والتدقيق في كتابات وآثار الرحالة العرب، مقابل الاهتمام الذي ظهر في السنوات الأخيرة حول الرحالة الأجانب. ولا يعوز هذا القسم من الآداب رجاله وشيوخه من ابن بطوطة؛ إلى المسعودي، إلى الجبرتي... وسواهم. وقد أصدرت الدار أخيراً مفكرةً ترحالية من تلك المفكرات الساحرة بعنوان «من المغرب إلى الحجاز عبر أوروبا 1857: محمد الغيغائي العمري الوريكي»، حققها وقدم لها الدكتور سليمان القرشي.

تختلف الرحلة عن سواها بالتركيز على المقارنة بين أهالي المدن والبلدان التي يمر بها الغيغائي، وبعكس مواطنه ابن بطوطة يتوقف كثيراً عند عادات الناس وطباعهم وأخلاقهم، متأثراً على الأرجح بالأسلوب الخلدوني في معاينة الأماكن والسكان. وتراه عندما يشعر بالحرج في المقارنة بين مدينة وأخرى يسارع إلى الاعتذار بالبحث عن مزيد من الحسنات للطرف المقصود. وسوف يرى المراكشيون أنه منحازٌ إليهم انحيازاً شخصياً واضحاً بين مدن المغرب الكبرى، لذلك، يستدرك سريعاً بالقول: «ومدينة فاس هي قاعدة المغرب، وهي القديمة بالدين والعمل، وقد توفرت فيها شروط السكنى الخمسة... وتفضل فاس على مراكش بكثرة العلم، وإتقان الصنائع، والنقاوة، وكثرة المياه في الأزقة والدور، ووجود بعض الأثاث والحوائج الفاخرة، وصبر نسائها على غياب الرجال، وأهلها كذلك في الصبر على الأهل وكسب المال».

إعجاب الغيغائي بمراكش يبرز على الفور: «وأهل مراكش، يسكن الرجل منهم وحده بداره ولا يراه جيرانه، سواء تعشى بالطيّب أم الرديء، وإن بات طاوياً لم يطلع عليه أحد، ولا يتمنى الخروج من مراكش من وجد الكفاية ودونها... فدل هذا على أنها أفضل من غيرها.

الملوك الأشراف العلويون، صانهم الله وأدام فخرهم، يتزاحمون على سكناها، ولا يفضلون عنها غيرها، ويؤثرونها على فاس ومكناس، ولا يرون مثلها أطيب هواء ولا أريح للأنفاس. ثم في هذه الدولة المباركة لمولانا عبد الرحمان، المحفوفة بالبركات والسعد والأمان، أفاض الله على أهل هذه المدينة من الخيرات الجسام، وأدام لها سرور الأيام الوسام، وفاض المال وكثر بأيدي الناس، ووردت الأثاث والأشياء الفاخرة من كل الأنواع والأجناس، واتصل الهناء، وسمحت الثغور بما وراءها من الأمتعة والسلع من كل مسرور به وكل جسور، وترى الناس كلهم أغنياء بالمماليك والخيل والبغال، المسروجة بالحديد والديباج، والفضة والذهب أخذاً وعطاء، وتساووا في الملبوس والمشروب كأنهم ملوك وأقيال، ولا سيما أشياخ القبائل وأعيان المدائن وكبراء الأجناد وأهل الإقبال، وإذا رأيتهم في الأعياد بهذه الحضرة الحمراء، تقول هؤلاء ملوك أغنياء، وما ذاك إلا من كثرة الأموال وفيضها من بركة ملوك الوقت وسعدها».

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاشق مراكش عاشق مراكش



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 01:32 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

طالبات مواطنات يبتكرن جهازًا للوقاية من الحريق

GMT 05:07 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الفيصلي يقف على أعتاب لقب الدوري الأردني

GMT 08:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفي أفكار مختلفة لتقديم اللحوم والبيض لطفلكِ الرضيع

GMT 04:05 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

فريق "العين" يتوّج بطلًا لخماسيات الصالات للصم

GMT 04:55 2020 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

أحمد زاهر وإبنته ضيفا منى الشاذلي في «معكم» الجمعة

GMT 18:24 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مجوهرات "شوبارد"تمنح إطلالاتك لمسة من الفخامة

GMT 05:40 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

هبوط اضطراري لطائرة متوجهة من موسكو إلى دبي

GMT 22:49 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منزل بريستون شرودر يجمع بين التّحف والحرف اليدوية العالمية

GMT 21:38 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد وخالد بن زايد يحضران أفراح الشامسي والظاهري بالعين

GMT 04:11 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ظهور القرش الحوتى "بهلول" في مرسى علم

GMT 00:56 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

تعرف على فوائد وأضرار الغاز الطبيعي للسيارات

GMT 00:14 2015 الثلاثاء ,03 آذار/ مارس

صيحة الدانتال لمسة جديدة للأحذية في ربيع 2015
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates