أول الشرر

أول الشرر!

أول الشرر!

 صوت الإمارات -

أول الشرر

السعد المنهالي
بقلم - السعد المنهالي

ليس أشد سهولة من صنع الأعداء، فقط كل ما عليك فعله هو ترك لسانك حراً طليقاً في ترجمة مشاعرك الفعلية وإطلاق كل ما يخطر على بالك من أفكار على شكل كلمات لا تحاول أبداً أن تتخيرها، اتركها كما هي بكل ما فيها من سوء. ثم وبطبيعة الحال، تأتي المرحلة التالية من عملية صنع الأعداء؛ عبر تحريك كل حواسك لانتقاء السيئ وفعل القبيح، وسيكون ذلك سهلاً جداً؛ فالكلمات تتحول الى افكار، والأفكار تتحول  بكل تأكيد إلى أفعال، المثير جداً أن ذلك يحدث ببساطة شديدة. أما عكس ذلك، فهذا في غاية الصعوبة؛ فصنع الأحباء يحتاج إلى تفكير مطول قبل إطلاق اللسان في التفوّه بكلمات انتُقيت بحرص من القلب، كذلك دفع الحواس في التقاط الجميل وفعل الرائع لجذب الأحباء.
يبدو الفارق واضحاً تماماً، ولكل منا خياره في أي الصنفين يريد حوله، أحباء.. أم أعداء.
تصبح كلماتنا مخيفة -بشكل لامتناهٍ- بسبب اتساع الفضاء المفتوح لوسائل التواصل المساعد لتطاير شررها المُعدي، فتنتشر ثقافة الكره والفتنة بكل مظاهرها من تشنج في السلوك اللفظي وبالتالي الحركي بدون أي داع حقيقي لها؛ ثم تتحول بعدها تداعيات هذه الأفعال إلى عبء ملوث، تتوارثه الأجيال يصعب بل قد يستحيل تغييره.
رغم كل التطور البشري غير المسبوق في نوعيته وسرعته على مستوى الحضارة الإنسانية منذ بدء الخليقة، بقي السوء والشر محل ازدياد وتوسع، وقد مكنت التقنية الحديثة من تفشيه؛ حتى إنه أصبح أسهل الأفعال التي يمكن أن تحدث في الحياة، في حين يبدو تغيير ذلك أمراً صعباً، بل ومستحيلاً خاصة على المدى المنظور؛ فما بالك بتحويل هؤلاء الأعداء إلى أحباء وأصدقاء كما كانوا. أعتقد أن هذا الصنف من البشر سيستمر مع استمرار الخليقة، وسواء كان سلوكهم هذا بقصد أم بغيره، سيكون علينا في كل الأحوال أن نواجهه بدرجة كبيرة من الوعي، فلا تنزلق لأول الشرر، ذلك الذي يحدثه سوء استخدام الكلمات، لكي لا نصبح مع الوقت مثلهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أول الشرر أول الشرر



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates