عبقرية في زمن الجائحة

عبقرية في زمن الجائحة

عبقرية في زمن الجائحة

 صوت الإمارات -

عبقرية في زمن الجائحة

بدر الدين الإدريسي
بقلم: بدر الدين الإدريسي

لا تتوقف أوروبا عن تصدير الصور الدالة على رقيها، على إنسانيتها، وعلى استماتتها في الدفاع عن القيم الجميلة التي من أجلها نشأت كرة القدم، وحجزت لها مكاناً أزلياً في القلوب، فما نراه في مشهدها الكروي من صراع ضارٍ بين المصالح، وما نقف عليه من اقتتال صارخ لا هوادة فيه بين «الديناصورات» المالية، لا يلغي أبداً ذاك الوجه الملائكي الذي ينتصر للقيم الأخلاقية والإنسانية، فلا ينازعها في النفاذ إلى عمق المشهد، شيء آخر مهما غلا ثمنه.
لم يدر نادي أياكس الهولندي، ما يفعله برحيل نجمه المغربي وفنانه حكيم زياش، وهو يوشك على الرحيل صوب إنجلترا، منضماً لنادي تشيلسي، وليكون ضلعاً في ثالوث الإبداع العربي في البريميرليج، فقد احتاج أياكس مهد العبقرية الكروية، طبقاً للأصول و«الإيتكيت» لأن يقول لزياش شكراً على ما منحه للنادي في الأربع سنوات التي قضاها معه، كان بوده أن يشرك الآلاف من المناصرين لتقديم تحية الوداع للمايسترو في «أرينا يوهان كرويف»، تحية تليق بمن كان ملهماً ومبدعاً وصانعاً للملاحم، إلا أن ذلك استحال وجائحة كورونا توصد مسرح الأحلام بأمستردام، وبعدها يقرر الاتحاد الهولندي إيقاف الدوري بشكل نهائي.
ولأن السمو في التفكير والرقي في المعاملة لا يعدم حلولاً هي من جنس العبقرية، فإن إدارة أياكس استدعت حكيم زياش للحضور إلى ما يشبه قلعة الأحلام التي تنفس فيها عبقه، إلى مسرح توشينسكي بأمستردام، ودعته لأن يختار مقعداً بملعب الاحتفالية، ليتفرج على ما شكل له لحظة مؤثرة، تجيش بكثير من العواطف، إلى الحد الذي أدخله في نوبة من البكاء، فيلم توثيقي بحبكة درامية، اختصر رحلة الشهد والدموع لهذا الفتى الذي نشأ يتيم الأب، جاب به دروب المعاناة والألم والحلم، ومع كل رسالة حب من زملائه اللاعبين كانت حنايا قلب زياش تتقطع، إلى أن سمع صوت أمه يحدث شبه فرقعة في ضلوعه، لقد استمع إليها تقول له: «أنا سعيدة حقاً يا بني بأنك ذاهب إلى لندن. ابذل قصارى جهدك، كن حذراً وتصرف مثل رجل نبيل. أحبك وأنا فخورة بك. حظاً سعيداً يا بني في لندن»، رسالة عزفت بقوة على وتر القلب، فاستسلم زياش لنوبة بكاء، لم يفق منها إلا وهو يقول: «أعرف مدى فخرها بابنها، فهي كل شيء في حياتي، لم تغادر مخيلتي صورة أبي، وهو يلفظ آخر أنفاسه وأنا في سن العاشرة من عمري، ولم يغادر مخيلتي مقدار التضحيات التي بذلتها تلك المرأة العظيمة من أجلي ومن أجل إخوتي، أنا مدين لها بكل شيء».
هذه هي كرة القدم كما يفهمونها هناك، أموال وأعمال واستثمارات، ولكن لا شيء من ذلك يحجب شمس العواطف والقيم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبقرية في زمن الجائحة عبقرية في زمن الجائحة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates